وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال : جاء العاصي بن وائل إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعظم حائل ففته ، فقال : يا محمد أيبعث هذا بعد ما أرم؟ قال : «نعم ، يبعث الله هذا ، ثم يميتك ، ثم يحييك ، ثم يدخلك نار جهنم» ، فنزلت الآيات (أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ) [يس : ٧٧] إلى آخر السورة (١).
والأمثلة في هذا الشأن كثيرة جدّا ، وهي مبثوثة في كتب أسباب النزول ، وكتب السنة الصحيحة كذلك يراجعها من أراد.
إذن نستطيع القول : إن هناك طريقين ، أو بالأحرى مصدرين للتفسير في المرحلة النبوية ، هذان الطريقان هما :
الأول : القرآن الكريم ؛ حيث يجد الناظر في كتاب الله تعالى أن هناك آيات تفسر بها آيات أخرى ، فالقرآن الكريم «قد اشتمل على الإيجاز والإطناب ، وعلى الإجمال والتبيين ، وعلى الإطلاق والتقييد ، وعلى العموم والخصوص ، وما أوجز في مكان قد يبسط في مكان آخر ، وما أجمل في موضع قد يبين في موضع آخر ، وما جاء مطلقا في ناحية قد يلحقه التقييد في ناحية أخرى ، وما كان عامّا في آية قد يدخله التخصيص في آية أخرى ؛ لهذا كان لا بد لمن يتعرض لتفسير كتاب الله تعالى أن ينظر في القرآن أولا : فيجمع ما تكرر منه في موضوع واحد ، ويقابل الآيات بعضها ببعض» (٢) ، وقد فعل ذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقد فسر القرآن الكريم بالقرآن الكريم حيث سئل صلىاللهعليهوسلم عن قوله سبحانه وتعالى : (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) [الأنعام : ٨٢] فقال الصحابة لما نزلت : وأينا لا يلبس إيمانه بظلم؟ فقال صلىاللهعليهوسلم : ألم تقرءوا قول الله
__________________
ـ ١٨٢٩ ـ ١٨٣٠) كتاب الفضائل باب وجوب اتباعه صلىاللهعليهوسلم (١٢٩ / ٢٣٥٧) ، وأحمد (٤ / ٤) ، وعبد بن حميد (٥١٩) ، وأبو داود (٢ / ٣٣٩) كتاب الأقضية أبواب القضاء (٣٦٣٧) ، وابن ماجه (١ / ٥١) في المقدمة باب تعظيم حديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم (١٥) وفي (٢٤٨٠) ، والترمذي (٣ / ٣٦) كتاب الأحكام باب ما جاء في الرجلين يكون أحدهما أسفل من الآخر (١٣٦٣) وفي (٣٠٢٧) ، والنسائي (٨ / ٢٤٥) كتاب آداب القضاة باب إشارة الحاكم بالرفق ، وابن الجارود (١٠٢١) ، وابن حبان (٢٤) ، والطحاوي في المشكل (١ / ٢٦١ ـ ٢٦٢) ، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلىاللهعليهوسلم (ص / ٤٣) ، والحاكم (٣ / ٣٦٤) ، والبيهقي (٦ / ١٤٥ و ١٥٣ و ١٠ / ١٠٦) من طريق عروة بن الزبير أن عبد الله ابن الزبير حدثه أن رجلا من الأنصار خاصم الزبير ... فذكره.
(١) أخرجه الطبري (١٠ / ٤٦٤) (٢٩٢٤٣) ، وابن المنذر وابن أبي حاتم والإسماعيلي في معجمه والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في البعث والضياء في المختارة كما في الدر المنثور (٥ / ٥٠٧).
(٢) د. محمد حسين الذهبي : التفسير والمفسرون (١ / ٤٠).