القرآن وفصلت فيهما (١).
إن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ بما أوتي من علم بكتاب الله أسهم إسهاما كبيرا في نشأة علم التفسير وتطوره ، بل إنه ليعد من أكبر مفسري القرآن الكريم في عصور الإسلام المختلفة ، فقد كانت له مدرسة يتلقى تلاميذها التفسير عنه ، استقرت في مكة (٢) ، ثم غذت بعلمها الأمصار المختلفة ، وما زال تفسير ابن عباس يلقى من المسلمين إعجابا وتقديرا ، إلى درجة أنه إذا صح النقل عنه لا يكادون يعدلون عن قوله إلى قول آخر (٣) ، وقد صرح الزركشي بأن قول ابن عباس مقدم على قول غيره من الصحابة عند تعارض ما جاء في التفسير (٤).
٤ ـ عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ :
عبد الله بن مسعود بن غافل ـ بمعجمة ثم فاء مكسورة بعد الألف ـ ابن حبيب بن شمخ ـ بفتح المعجمة الأولى وسكون الميم ـ ابن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل الهذلي ، أبو عبد الرحمن الكوفي ، أحد السابقين الأولين ، شهد بدرا والمشاهد ، وروى ثمانمائة حديث وثمانية وأربعين حديثا ، اتفق البخاري ومسلم على أربعة وستين منها وانفرد البخاري بأحد وعشرين ، ومسلم بخمسة وثلاثين ، وروى عنه خلق من الصحابة ، ومن التابعين : كمسروق والأسود وقيس بن أبي حازم والكبار ، تلقن من النبي صلىاللهعليهوسلم سبعين سورة.
قال علقمة : كان يشبه النبي صلىاللهعليهوسلم في هديه ودله وسمته (٥).
وقال أبو نعيم : مات بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين عن بضع وستين سنة.
ب ـ دوره في التفسير :
كان عبد الله بن مسعود خادم رسول الله صلىاللهعليهوسلم فكان له من هذه الصلة النبوية خير مثقف
__________________
(١) ينظر : د. محمد إبراهيم شريف : بحوث في تفسير القرآن الكريم ص ٦٠.
(٢) سنفصل القول في هذه المدرسة في الفصل الثاني عند الحديث عن مدارس التفسير.
(٣) ينظر : د. الذهبي : التفسير والمفسرون (١ / ٧١).
(٤) ينظر : السيوطي : الإتقان في علوم القرآن (٢ / ١٨٣).
(٥) أخرجه البخاري (٧ / ٤٧٣) كتاب فضائل أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم (٣٧٦٢) ، وأحمد (٥ / ٣٨٩ و ٣٩٥ و ٤٠١ و ٤٠٢) ، والترمذي (٦ / ١٣٩) كتاب المناقب باب عبد الله بن مسعود (٣٨٠٧).
وابن سعد في الطبقات (٣ / ١٥٤) ، والفسوي في المعرفة (٢ / ٥٤٠ و ٥٤٣) ، وابن حبان (٧٠٦٣) من طريق عبد الرحمن بن يزيد قال : سألنا حذيفة عن رجل قريب السمت والهدى من النبي صلىاللهعليهوسلم حتى نأخذ عنه فقال لا أعرف أحدا أقرب سمتا وهديا ودلا بالنبي صلىاللهعليهوسلم من ابن أم معبد.