الثانية : الأخذ بقول الصحابي ، فقد قيل : إنه في حكم المرفوع مطلقا ، وخصه بعضهم بأسباب النزول ونحوها مما لا مجال للرأي فيه.
الثالثة : الأخذ بمطلق اللغة مع الاحتراز عن صرف الآيات إلى ما لا يدل عليه الكثير من كلام العرب.
الرابعة : الأخذ بما يقتضيه الكلام ويدل عليه قانون الشرع. وهذا النوع الرابع هو الذي دعا به النبي صلىاللهعليهوسلم لابن عباس في قوله صلىاللهعليهوسلم : «اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل» (١).
فمن فسر القرآن برأيه ، أي : باجتهاده ، ملتزما الوقوف عند هذه المآخذ معتمدا عليها فيما يرى من معاني كتاب الله ، كان تفسيره سائغا جائزا خليقا بأن يسمى التفسير الجائز أو التفسير المحمود ، ومن حاد عن هذه الأصول وفسر القرآن غير معتمد عليها ، كان تفسيره ساقطا مرذولا خليقا بأن يسمى التفسير غير الجائز أو التفسير المذموم» (٢).
ثم إن هناك أمورا أخرى فصل فيها القول الإمام السيوطي يجب أن يفعلها المفسر بالرأي ، وأمورا أخرى عليه أن يدعها ، فقد قال السيوطي : قال العلماء : يجب على المفسر أن يتحرى في التفسير مطابقة المفسر وأن يتحرز في ذلك من نقص عما يحتاج إليه في إيضاح المعنى أو زيادة لا تليق بالغرض ، ومن كون المفسر فيه زيغ عن المعنى وعدول عن طريقه.
وعليه مراعاة المعنى الحقيقي والمجازي ومراعاة التأليف والغرض الذي سيق له الكلام وأن يؤاخي بين المفردات.
ويجب عليه البداءة بالعلوم اللفظية ، وأول ما يجب البداءة به منها تحقيق الألفاظ المفردة فيتكلم عليها من جهة اللغة ثم التصريف ثم الاشتقاق ، ثم يتكلم عليها بحسب التركيب فيبدأ بالإعراب ثم بما يليق بالمعاني ثم البيان ثم البديع ثم يبين المعنى المراد ثم الاستنباط ثم الإشارات.
وقال الزركشي في أوائل البرهان : قد جرت عادة المفسرين أن يبدءوا بذكر أسباب النزول ووقع البحث في أنه أيهما أولى بالبداءة به بتقدم السبب على المسبب أو المناسبة ؛ لأنها المصححة لنظم الكلام وهي سابقة على النزول.
__________________
(١) تقدم.
(٢) الزرقاني : مناهل العرفان في علوم القرآن (١ / ٤٩ ، ٥٠).