قال : والتحقيق التفصيل بين أن يكون وجه المناسبة متوقفا على سبب النزول كآية (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها) [النساء : ٥٨].
فهذا ينبغي فيه تقديم ذكر السبب ؛ لأنه حينئذ من باب تقديم الوسائل على المقاصد ، وإن لم يتوقف على ذلك فالأولى تقديم المناسبة.
وقال في موضع آخر : جرت عادة المفسرين ممن ذكر فضائل القرآن أن يذكرها في أول كل سورة ؛ لما فيها من الترغيب والحث على حفظها ، إلا الزمخشري فإنه يذكرها في أواخرها.
قال مجد الأئمة عبد الرحيم بن عمر الكرماني : سألت الزمخشري عن العلة في ذلك فقال : لأنها صفات لها والصفة تستدعي تقديم الموصوف ، وكثيرا ما يقع في كتب التفسير «حكى الله كذا» فينبغي تجنبه.
قال الإمام أبو نصر القشيري في المرشد : قال معظم أئمتنا : لا يقال : «كلام الله محكي» ولا يقال : «حكى الله» ؛ لأن الحكاية الإتيان بمثل الشيء وليس لكلامه مثل.
وتساهل قوم فأطلقوا لفظ الحكاية بمعنى الإخبار ، وكثيرا ما يقع في كلامهم إطلاق الزائد على بعض الحروف ، وعلى المفسر أن يتجنب ادعاء التكرار ما أمكنه.
قال بعضهم : مما يدفع توهم التكرار في عطف المترادفين ؛ نحو : (لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ) [المدثر : ٢٨] (صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ) [البقرة : ١٥٧] ، وأشباه ذلك ـ أن يعتقد أن مجموع المترادفين يحصل معنى لا يوجد عند انفراد أحدهما فإن التركيب يحدث معنى زائدا ، وإذا كانت كثرة الحروف تفيد زيادة المعنى فكذلك. انتهى.
وقال الزركشي في البرهان : ليكن محط نظر المفسر مراعاة نظم الكلام الذي سيق له وإن خالف أصل الوضع اللغوي لثبوت التجوز.
وقال في موضع آخر : على المفسر مراعاة مجازي الاستعمالات في الألفاظ التي يظن بها الترادف والقطع بعدم الترادف ما أمكن ؛ فإن للتركيب معنى غير معنى الإفراد ؛ ولهذا منع كثير من الأصوليين وقوع أحد المترادفين موقع الآخر في التركيب وإن اتفقوا على جوازه في الإفراد. انتهى.
وقال أبو حيان : كثيرا ما يشحن المفسرون تفاسيرهم عند ذكر الإعراب بعلل النحو ودلائل مسائل أصول الفقه ودلائل مسائل الفقه ودلائل أصول الدين وكل ذلك مقرر في تآليف هذه العلوم ، وإنما يؤخذ ذلك مسلما في علم التفسير دون استدلال عليه.