ثم ليست هى فى حق الصلاة فريضة ، وذلك نحو التسبيحات بما فيها من تنزيه الله.
والتكبيرات بما فيها من تعظيمه فريضة لنفسها ؛ إذ ليس لأحد ألا ينزه ربه ، ولا يعظمه من غير أن يوجب ذلك فرضيتها فى حق الصلاة ، وفى حق كل مجعولة هى فيه ، لا من طريق توضيح الفرضية من غير طريق الذى ذكرت.
ثم ليست هى بفريضة فى حق القراءة فى الصلاة ؛ لوجوه :
أحدها : أن فرضية القراءة عرفنا بقوله : (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ) [المزمل : ٢٠] وفيها الدلالة من وجهين :
أحدهما : أنه قد يكون غيرها أيسر.
والثانى : أن فرضيّة القراءة فى هذه الآية من حيث الامتنان بالتخفيف علينا والتيسير ، ولو لم يكن فريضة لم يكن علينا فى التخفيف منّة إذا بالترك.
ثم لا نخير فى فاتحة القرآن ، والآية التى بها عرفنا الفرضية فيما تخير ما يختار من الأيسر ، ثبت أنها رجعت إلى غيرها ، وبالله التوفيق.
والثانى : أن نبىّ الله أخبر عن الله : أنه جعل بها فى حق الثناء ، وهو ما ذكر فى خبر القسمة فصارت تقرأ بذلك الحق ، فلم يخلص لها حق القراءة ، بل ألحق بها حق الدعاء والثناء ، وليس ذلك من فرائض الصلاة ، وبالله التوفيق.
والثالث : ما روى عن عبد الله بن مسعود (١) ـ رضى الله عنه ـ : «أنّ النبىّ صلىاللهعليهوسلم أحيا ليلة بقوله : (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ) [المائدة : ١١٨] الآية. وبه كان يقوم ، وبه كان يركع ، وبه يسجد ، وبه يقعد» (٢). فثبت أنه لا يتعين قراءتها فى الصلاة مع ما أيّده الخبر الذى فيه
__________________
(١) عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب بن شمخ بن فأر بن مخزوم الهذلى أبو عبد الرحمن من أكابر الصحابة ومن أقربهم إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو من السابقين للإسلام كان خادم النبى صلىاللهعليهوسلم وصاحب سره ، كان له أصحاب سادة منهم علقمة والأسود ومسروق وعبيدة السلمانى وأبو وائل وطارق بن شهاب وزر بن حبيش وأبو عمرو الشيبانى وأبو الأحوص وزيد بن وهب وخلق سواهم ولى بيت المال بالكوفة ثم قدم المدينة فى خلافة عثمان رضى الله عنه فتوفى بها سنة ٣٢ ودفن بالبقيع.
ينظر الإصابة (٤ / ١٢٩) ت (٤٩٤٥) ، الاستيعاب (٢ / ٣٧٠) ت (١٥٣٦) ، صفة الصفوة (١ / ١٥٤) ، طبقات الفقهاء للشيرازى ص (١١) ، غاية النهاية (١ / ٤٥٨) ، تاريخ الخميس (٢ / ٢٨٧) ، تاريخ الإسلام (٢ / ١٠٠) ، الأعلام للزركلى (٤ / ٢٨٠).
(٢) أخرجه أحمد (٥ / ١٥٦ ، ١٧٠ ، ١٧٧) ، والنسائى (٢ / ١٧٧) كتاب الافتتاح ، باب ترديد الآية ، وابن ماجه (٢ / ٤٧٩ ـ ٤٨٠) كتاب إقامة الصلاة ، باب ما جاء فى صلاة الليل (١٣٥٠) وابن أبى شيبة وابن مردويه والبيهقى عن أبى ذر بنحوه كما فى الدر المنثور (٢ / ٦١٦) ، وفى إسناده مقال.