ثم لا يصلح هذا على قول المعتزلة (١) ؛ لأن تلك المعونة على أداء ما كلف قد أعطى ؛
__________________
(١) المعتزلة : هم أصحاب واصل بن عطاء الغزالى الذى اعتزل عن مجلس الحسن البصرى ، حين دخل على الحسن رجل ، فقال : يا إمام الدين ، ظهر فى زماننا جماعة يكفرون صاحب الكبيرة ، فكيف تحكم لنا؟ فتفكر الحسن ، وقبل أن يجيب قال واصل : أنا لا أقول صاحب الكبيرة مؤمن ولا كافر ، ثم قام إلى أسطوانة من أسطوانات المسجد ، وأخذ يقرر على جماعة من أصحاب الحسن أن مرتكب الكبيرة ليس بمؤمن ولا كافر. فقال الحسن : اعتزل عنا واصل ؛ فلذلك سمى أصحابه : معتزلة ، ويلقبون بالقدرية ؛ لإسنادهم أفعال العباد إلى قدرتهم وإنكارهم فيها أى خلق لله تعالى. والمعتزلة لقبوا أنفسهم : أصحاب العدل والتوحيد. أما تلقيبهم بالأول ؛ فلقولهم بوجوب الأصلح وثواب المطيع ، وأما بالثانى ؛ فلقولهم بنفى الصفات القديمة.
وقد افترقوا إلى عشرين فرقة وهى :
ـ الواصلية : أصحاب واصل بن عطاء وقالوا بنفى الصفات وبالقدر وامتناع إضافة الشر إلى الله وبالمنزلة بين المنزلتين ... إلخ.
ـ العمرية : نسبة إلى عمرو بن عبيد.
ـ الهذيلية : أصحاب أبى الهذيل العلاف وقالوا بفناء مقدورات الله وأن أهل الخلدين يصيرون إلى خمود ؛ ولذلك سمى المعتزلة أبا الهذيل جهمى الآخرة.
ـ النظامية : أصحاب إبراهيم بن سيار النظام. قالوا : لا يقدر الله أن يفعل بعباده فى الدنيا ما لا صلاح لهم فيه ... إلخ.
ـ الأسوارية : أصحاب الأسوارى ، زادوا : أن الله تعالى لا يقدر على ما أخبر بعدمه أو علم عدمه والإنسان قادر عليه.
ـ الإسكافية : أصحاب أبى جعفر الإسكاف قالوا : الله لا يقدر على ظلم العقلاء بخلاف ظلم الصبيان والمجانين.
ـ الجعفرية : أصحاب الجعفرين : ابن مبشر وابن حرب. زادوا : أن فى فساق الأمة من هو شر من الزنادقة والمجوس. والإجماع على حد الشرب خطأ. وسارق الحبة منخلع عن الإيمان.
ـ البشرية : ينسبون إلى بشر بن المعتمر. قالوا : الأعراض من الألوان والطعوم والروائح وغيرها تقع متولدة والقدرة سلامة البنية والله قادر على تعذيب الطفل ظالما ولو عذبه لكان عاقلا عاصيا وفيه تناقض.
ـ المزدارية : نسبة إلى أبى موسى عيسى بن صبيح المزدار. قالوا : الناس قادرون على مثل القرآن نظما يعنى أن إعجازه كان بصرف الله الناس عن الإتيان بمثله لا بعجز طبيعى منهم.
ـ الهشامية : هو هشام بن عمرو الغوطى. قالوا : لا يطلق اسم الوكيل على الله لاستدعائه موكلا ... إلخ.
ـ الصالحية : أصحاب الصالحى جوزوا قيام العلم والقدرة والإرادة والسمع والبصر بالميت.
ـ الحائطية : أصحاب أحمد بن حائط من أصحاب النظام قالوا : للعالم إلهان ، قديم هو الله تعالى ومحدث هو الذى يحاسب الناس فى الآخرة.
ـ الحدبية : أصحاب فضل الحدبى. زادوا التناسخ وأن كل حيوان مكلف.
ـ المعمرية : أصحاب معمر بن عياد السلمى. قالوا : الله لم يخلق شيئا غير الأجسام ولا يوصف بالقدم ولا يعلم نفسه والإنسان لا فعل له غير الإرادة.
ـ التمامية : أصحاب تمامة بن أشرس النميرى. قالوا : اليهود والنصارى والمجوس والزنادقة يصيرون ترابا لا يدخلون جنة ولا نارا وكذلك البهائم والأطفال ... إلخ. ـ