طلب معونته وقضاء حاجته.
ويؤيد ذلك بقية السورة أنه أخرج على الدعاء فقال الله ـ عزوجل ـ : «هذا لعبدى ، ولعبدى ما سأل».
وقوله : (اهْدِنَا).
قال ابن عباس (١) ـ رضى الله عنهما ـ : أرشدنا.
والإرشاد ، والهداية واحد ، بل الهداية فى حق التوفيق أقرب إلى فهم الخلق من الإرشاد بما هى أعم فى تعارفهم.
ثم القول بالهداية يخرّج على وجوه ثلاثة :
أحدها : البيان. ومعلوم أن البيان قد تقدم من الله لا أحد يريد به ذلك لمضى ما به البيان من كتاب وسنة ، وإلى هذا تذهب المعتزلة.
والثانى : التوفيق له ، والعصمة عن زيغه. وذلك معنى قولهم : «اللهمّ اهدنا فيمن هديت» ، وقوله : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِراطَ الَّذِينَ) وصفهم إلى آخر السورة ، ولو كان على البيان على ما قالت المعتزلة فهو والمغضوب عليهم فى ذلك سواء ، فثبت أنه على ما قلنا دون ما ذهبوا إليه.
والثالث : أن يكون على طلب خلق الهداية لنا ؛ إذ نسب إليه من جهة الفعل ، وكل ما يفعله خلق ؛ كأنه قال : اخلق لنا هدايتنا ، وهو الاهتداء منا. وبالله التوفيق.
ثم تأويل طلب الهداية ، ممن قد هداه الله يتوجه وجهين :
أحدهما : طلب الثبات على ما هداه الله ، وعلى هذا معنى زيادات الإيمان ، أنها بمعنى الثبات عليه ، وذلك كرجلين ينظران إلى شىء فيرفع أحدهما بصره عنه ، جائز القول بازدياد نظر الآخر.
ووجه آخر : على أن فى كل حال يخاف على المرء ضد الهدى ، فيهديه مكانه أبدا فيكون له حكم الاهتداء ؛ إذ فى كل وقت إيمان منه دفع به ضده.
وعلى ذلك قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ ...) الآية [النساء : ١٣٦] ونحو ذلك من الآيات.
وقد يحتمل أيضا معنى الزيادة هذا النوع. وبالله التوفيق.
وأما (الصِّراطَ) فهو الطريق والسبيل فى جميع التآويل وهو قوله : (وَأَنَّ هذا صِراطِي
__________________
(١) أخرجه ابن جرير (١ / ١٠١) (١٧٣) عنه بنحوه ، وذكره السيوطى فى الدر المنثور (١ / ٤٠) وزاد نسبته لابن أبى حاتم.