...) الآية [الأنعام : ١٥٣] ، وقوله : (قُلْ هذِهِ سَبِيلِي) [يوسف : ١٠٨].
ثم اختلفوا فيما يراد به :
فقال بعضهم : هو القرآن (١).
وقال بعضهم : هو الإيمان.
وأيهما كان فهو القائم الذى لا عوج له ، والقيّم الذى لا اختلاف فيه ، من لزمه وصل إلى ما ذكر. وبالله التوفيق.
وقوله : (الْمُسْتَقِيمَ).
قيل : هو القائم بمعنى الثابت بالبراهين والأدلة ، لا يزيله شىء ، ولا ينقض حججه كيد الكائدين ، ولا حيل المريبين.
وقيل : (الْمُسْتَقِيمَ) الذى يستقيم بمن تمسك به حتى ينجيه ، ويدخله الجنة.
وقيل : (الْمُسْتَقِيمَ) بمعنى : يستقام به ؛ كقوله : (وَالنَّهارَ مُبْصِراً) [النمل : ٨٦] ، أى : يبصر به. يدل عليه قوله : (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا ...) الآية [فصلت : ٣٠] ؛ فالمستقيم هو المتبع له. وبالله التوفيق.
ثم ذكر من ذكر من المنعم عليهم ؛ ولله على كل مؤمن نعم بالهداية.
وما ذكر دليل على أن «الصراط» هو الدين ؛ لأنه أنعم به على جميع المؤمنين.
لكن تأويل من يردّ إلى الخصوص يتوجه وجهين :
أحدهما : أنه أنعم عليهم بمعرفة الكتب والبراهين ، فيكون على التأويل الثانى من القرآن والأدلة.
والثانى : أن يكون لهم خصوص فى الدين قدّموا به على جميع المؤمنين ؛ كقول داود ، وسليمان : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ) [النمل : ١٥] ، وعلى هذا الوجه يكون (اهْدِنَا).
__________________
(١) أخرجه البيهقى فى الشعب كما فى الدر المنثور (١ / ٤١) عن قيس بن سعد عن رجل مرفوعا ، ونسبه البغوى فى تفسيره (١ / ٤١) لعبد الله بن مسعود.
فى الباب عن على مرفوعا به.
أخرجه أحمد (١ / ٩١) والترمذى (٥ / ٢٩ ، ٣٠) كتاب فضائل القرآن ، باب ما جاء فى فضل القرآن (٢٩٠٦) وأبو يعلى (٣٦٧) وابن جرير (١٧٤ ، ١٧٥) وابن أبى شيبة والدارمى وابن أبى حاتم وابن الأنبارى فى المصاحف وابن مردويه والبيهقى فى شعب الإيمان كما فى الدر المنثور (١ / ٤١).
قال الترمذى : إسناده مجهول ، وفى حديث الحارث مقال.
وأخرجه ابن جرير (١٧٦) عنه موقوفا.