ويجوز أن يكون بمعنى اسم السور ، ولله تسميتها بما شاء كما سمى كتبه ، وعلى ذلك منتهى أسماء الأجناس خمسة أحرف ، وكذلك أمر السور ، دليل ذلك وصل كل سورة فتحت بها إليها ، كأنه بنى بها. ولا قوة إلا بالله.
ويجوز أن يكون على التشبيب ، على ما ذكرنا للتفصيل بين المنظوم من الكلام والمنثور فى المتعارف أن المنظوم فى الشاهد يشبب فيخرج عن المقصود بذلك الكلام ، فعلى ذلك أمر الكلام المنزل.
ألا ترى أنه خرج على ما عليه فنون الكلام فى الشاهد إلا أنه على وجه ينقطع له المثال من كلامهم ، فمثله أمر التشبيب. ولا قوة إلا بالله.
وجائز : أن يكون الله أنزلها على ما أراد ؛ ليمتحن عباده بالوقف فيها ، وتسليم المراد فى حقيقة معناه والذى له يزول ذلك ، ويعترف أنه من المتشابه ، وفيها جاء تعلق الملحدة ، ولا قوة إلا بالله.
ويحتمل : أن يكون إذ علم الله من تعنت قوم وإعراضهم عنه وقولهم : (لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ) [فصلت : ٢٦] أنزل على وجه يبعثهم على التأمل فى ذلك بما جاء بالعجيب الذى لم يكونوا يعرفون ذلك : إما لما عندهم أنه كأحدهم ، أو لسبيل الطعن ؛ إذ خرج عن المعهود عندهم ، فتلا عليهم ما يضطرهم إلى العلم بالنزول من عند من يملك تدبير الأشياء ؛ ولذلك اعترضوا لهذه الأحرف بالتأمل فيها من بين الجميع. ولا قوة إلا بالله.
وقيل : إنه دعا خلقه إلى ذلك ، والله أعلم بما أراد.
وقوله : (ذلِكَ الْكِتابُ).
أى : هذا الكتاب ، إشارة إلى ما عنده ، وذلك شائع فى اللغة ، جائز بمعنى هذا.
وقيل : ذلك بمعنى ذلك ، إشارة إلى ما فى أيدى السفرة والبررة.
وقوله : (لا رَيْبَ فِيهِ).
قيل : فيه وجوه ؛ لكن الحاصل يرجع إلى وجهين :
أى : لا ترتابوا فيه أنه من عند الله (١).
وقيل : لا ريب فيه أنه منزل على أيدى الأمناء والثقات.
وقوله : (هُدىً).
قيل فيه بوجهين :
__________________
(١) ذكره البغوى فى تفسيره (١ / ٤٥).