أى : ما يضل بهذا المثل إلا الفاسق الذى لا ينظر إلى ما فيها من الأعجوبة واللطافة فى الدلالة.
وقوله : (الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ).
عهد الله يكون على وجهين :
عهد خلقة ؛ لما يشهد خلقه كلّ أحد على وحدانية الرب ؛ كقوله : (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ) [الذاريات : ٢١].
وكقوله : (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ ...) الآية [الروم : ٨]. إنه إن نظر فى نفسه وتأمل عرف أن له صانعا وأنه واحد لا شريك له.
وعهد رسالة على ألسنة الأنبياء والرسل عليهمالسلام ؛ كقوله : (وَقالَ اللهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي ...) الآية [المائدة : ١٢].
وكقوله : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ ...) الآية [آل عمران : ١٨٧].
فنقضوا العهدين جميعا ؛ عهد الخلقة ، وعهد الرسالة.
وقوله : (وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ).
يحتمل وجهين :
يقطعون الإيمان ببعض الرسل وقد أمروا بالوصل ؛ كقوله : (نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ) [النساء : ١٥٠].
وقيل : يقطعون ما أمر الله أن يوصل من صلة الأرحام (١).
وقوله : (وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ).
قيل فيه بوجهين :
يفسدون بما يأمرون فى الأرض بالفساد ؛ كقوله : (يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ) [التوبة : ٦٧].
وقيل : يفسدون ، أى : يتعاطون بأنفسهم فى الأرض بالفساد ؛ كقوله : (وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً) [المائدة : ٣٣ ، ٦٣].
وقوله : (أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ).
يحتمل أيضا وجهين :
خسروا لما فات عنهم ، وذهب من المنى والأمانى فى الدنيا.
وروى عن الحسن أنه قال فى قوله : (هُمُ الْخاسِرُونَ) : أى : قذفوا أنفسهم ـ
__________________
(١) أخرجه ابن جرير عن قتادة بنحوه (٥٧٤) ، وزاد السيوطى فى الدر (١ / ٨٩) عبد بن حميد.