وجل ـ أنه خلقه من مارج من نار.
وقيل (١) : المارج هو لهبها مع ما ليس فى القرآن ، ولا فى الخبر أنهم إنما خلقوا من النور (٢) ، ولم يخلقوا من غيره.
ثم اختلف فى إبليس : إنه لم كفر بالله؟ قيل : إنّه كفر لما لم ير الأمر بسجود من فوقه لمن هو دونه حكمة.
وقيل : كفر لما رأى أن الله تعالى وضع الأمر فى غير موضع الأمر ، ورآه جورا ؛ فكفر به.
وقيل : كفر لما أبى الائتمار بالسجود واستكبر فكفر.
وقيل : كفر لما أضمر إضلال الخلق.
وقيل : أبى الطاعة فيما أمر به ، واستكبر على آدم ؛ لما رأى لنفسه فضلا عليه بقوله : (خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) [الأعراف : ١٢].
وقوله : (وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ).
أى صار كقوله : (إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً) [النساء : ٢٢].
وكقوله : (فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ) [الأعراف : ١٧٥] أى : صار.
وقيل (٣) : كان فى علم الله تعالى أنّه سيكفر.
وقوله : (وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ).
قد ذكرنا فيما تقدم أن الجنة هى اسم البقعة التى حفت بالأشجار والغروس وأنواع النبات.
دليله : قوله : (وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ).
وذلك أيضا ظاهر معروف عند الناس ؛ ألا تسمى كل بقعة من الأرض بستانا ، ولا جنة حتى يجتمع فيها ما ذكرنا.
ثم لا يدرى ما تلك الجنة التى أمر آدم وحوّاء بالكون ، والمقام فيها : أهى التى وعد المتقون ، أو جنة من جنات الدنيا؟ إذ ليس فى الآية بيان ذلك.
وفى الآية دلالة أن الشرط فى الذكر قد يضمر ، ويكون شرطا بلا ذكر ؛ لأنه قال : (أَلَّا تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى) [طه : ١١٨] ثم قد جاع وعرى حين عصى ، فدل أن ترك المعصية كان
__________________
(١) أخرجه ابن جرير (٦٨٥) عن ابن عباس بنحوه.
(٢) فى أ : النار.
(٣) ذكره البغوى فى تفسيره (١ / ٦٣) والقرطبى فى الجامع (١ / ٢٠٤).