شرطا فيه.
ثم مضى الأمر من الله تعالى لآدم وزوجته بالسّكنى فى الجنة ، والمقام فيها ، وأمرهما بالتناول من جميع ما فيها إلا شجرة نهيا عن التناول منها ، وأمرا بالاجتناب عنها بقوله : (وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ) وذى صورة الممتحن أن يؤمر بشيء وينهى عن شىء.
وقوله : (وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ).
قوله : (رَغَداً) أى : سعة ؛ يقال : أرغد فلان إذا وسّع عليه ، وكثر ماله.
وقوله : (وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ).
أى : لا تأكلا.
دليله قوله : (وَكُلا مِنْها) ؛ ولأنه بالقربان ما يوصل إلى التناول. واللغة لا تأبى تسمية الشىء باسم سببه.
ثم اختلف فى تلك الشجرة :
فقال بعضهم (١) : هى شجرة العنب ، ولذلك جعل للشيطان فيها حظا لما عصيا ربهما بها.
وقيل (٢) : إنها كانت شجرة الحنطة ؛ ولذلك جعل غذاء آدم وحواء ـ عليهماالسلام ـ وغذاء أولادهما منها إلى يوم القيامة ليقاسوا جزاء العصيان والخلاف له.
وقيل (٣) : إنها شجرة العلم ؛ لما علما من ظهور عورتهما ، ولم يكونا يعلمان قبل ذلك ، وهو قوله : (بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما) [الأعراف : ٢٢] والله أعلم.
والقول فى ماهيتها (٤) لا يجوز إلا من طريق الوحى. ولا وحى فى تلاوتها. ولا يجوز القطع على شىء من ذلك.
ثم احتمل معنى النهى عن التناول منها وجوها :
أحدها : إيثار الآخر عليه.
وقد يكون هذا أن ينهى الرجل عن التناول من شىء إيثارا لآخر عليه.
ويحتمل : النهى عن التناول من الشىء لداء يكون فيه لما يخاف الضرر به ، لا على
__________________
(١) أخرجه ابن جرير عن ابن عباس (٧٣٠ ، ٧٣١) والسدى (٧٣٢ ، ٧٣٨) وجعدة بن هبيرة (٧٣٣ ـ ٧٣٦) وغيرهم ، وانظر الدر المنثور (١ / ١٠٧).
(٢) أخرجه ابن جرير عن ابن عباس وابن مسعود وناس من أصحاب النبى صلىاللهعليهوسلم (٧٣١) قال : هى الكرمة وتزعم اليهود أنها الحنطة.
(٣) ذكره البغوى فى تفسيره (١ / ٦٣) ونسبه لقتادة.
(٤) فى أ : ما بينا.