يعذر فى الأكل فى الصلاة (١) ، وفى الجماع فى الحج (٢) ، ونحو ذلك ، فمثله الأمر الذى نحن فيه.
__________________
ـ السلام لفظا بعد الفراغ من الصلاة ، بل يرد فى نفسه فى رواية عن أبى حنيفة. وفى رواية أخرى عنه أنه يرد بعد الفراغ ، إلا أن أبا جعفر قال : تأويله : إذا لم يعلم أنه فى الصلاة. وعند محمد يرد بعد الفراغ ، وعن أبى يوسف : لا يرد ، لا قبل الفراغ ولا بعده فى نفسه. وذكر المالكية أن المصلى لا يرد السلام باللفظ ، فإن رد عمدا أو جهلا بطل. ورده باللفظ سهوا يقتضى سجود السهو ، بل يجب عليه أن يرد السلام بالإشارة ، خلافا للشافعية القائلين بعدم وجوب الرد عليه. وذهب الحنابلة إلى أن رد المصلى السلام بالكلام عمدا يبطل الصلاة. ورد المصلى السلام بالإشارة مشروع عند الحنابلة.
وأما ابتداء المصلى السلام على غيره وهو فى الصلاة بالإشارة بيد أو رأس فيجوز عند المالكية فقط ، ولا يلزمه السجود لذلك.
ينظر : جواهر الإكليل (١ / ٢٥١) ، المغنى (٢ / ٦٠ ـ ٦١) ، كشاف القناع (١ / ٢٤١) ، الهداية وفتح القدير (١ / ١٧٣ ، ٢٩١ ـ ٢٩٢).
(٢) ذهب الحنفية والمالكية والحنابلة فى المشهور عندهم إلى أن التسمية واجبة عند الذبح ؛ لقوله تعالى : (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) [الأنعام : ١٢١] ولا تجب التسمية على ناس ، ولا أخرس ، ولا مكره ، ويكفى من الأخرس أن يومئ إلى السماء ؛ لأن إشارته تقوم مقام نطق الناطق. وذهب الشافعية ، وهو رواية عن أحمد إلى أن التسمية سنة عند الذبح ، وصيغتها أن يقول : «باسم الله» عند الفعل ؛ لما روى البيهقى فى صفة ذبح النبى صلىاللهعليهوسلم لأضحيته : ضحى النبى صلىاللهعليهوسلم أتى بكبشين أملحين أقرنين عظيمين موجوأين ، فأضجع أحدهما فقال : «بسم الله والله أكبر ، اللهم هذا عن محمد ، ثم أضجع الآخر فقال : بسم الله والله أكبر ، اللهم هذا عن محمد وأمته ممن شهد لك بالتوحيد ، وشهد لى بالبلاغ». ويكره عند الشافعية تعمد ترك التسمية ، ولكن لو تركها عمدا يحل ما ذبحه ويؤكل ؛ لأن الله ـ تعالى ـ أباح ذبائح أهل الكتاب بقوله تعالى : (وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ) [المائدة : ٥] وهم لا يذكرون التسمية ، وأما قوله تعالى : (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ) [الأنعام : ١٢١] فالمراد ما ذكر عليه غير اسم الله ، أى : ما ذبح للأصنام ، بدليل قوله تعالى : (وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ) [المائدة : ٣] وسياق الآية دال عليه ؛ فإنه قال : (وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ) [الأنعام : ١٢١] ، والحالة التى يكون فيها فسقا هى الإهلال لغير الله تعالى.
ينظر : حاشية ابن عابدين (٥ / ١٩٠ ـ ١٩٢) ، جواهر الإكليل (١ / ٢١٢) ، شرح الزرقانى (٢ / ٧٣) ، المقنع (٣ / ٥٤٠) ، المغنى (٨ / ٥٦٥ ، ٥٨١ ، ٥٨٢ ، ٥٨٣).
(١) اتفق الفقهاء على بطلان الصلاة بالأكل والشرب من حيث الجملة ، قال الحنفية : ولو سمسمة ناسيا.
واستثنوا من ذلك ما كان بين أسنانه وكان دون الحمصة فإنه لا تفسد به الصلاة إذا ابتلعه ، وصرحوا بفساد الصلاة بالمضغ إن كثر ، وتقديره بالثلاث المتواليات. وكذا تفسد بالسكّر إذا كان فى فيه يبتلع ذوبه. قال ابن عابدين : إن المفسد : إما المضغ ، أو وصول عين المأكول إلى الجوف بخلاف الطعم. قال فى (البحر) عن (الخلاصة) : ولو أكل شيئا من الحلاوة وابتلع عينها ، فدخل فى الصلاة ، فوجد حلاوتها فى فيه وابتلعها لا تفسد صلاته ، ولو أدخل الفانيذ أو السكر فى فيه ، ولم يمضغه ، لكن يصلى والحلاوة تصل إلى جوفه ـ تفسد صلاته.
وفرق المالكية بين عمد الأكل والشرب وسهوه : فإن أكل أو شرب المصلى عمدا بطلت صلاته اتفاقا ، وأما إن أكل أو شرب سهوا لم تبطل صلاته ، وانجبر بسجود السهو.
وذهب الشافعية إلى بطلان الصلاة بالأكل ولو كان قليلا ، وإن كان مكرها عليه ؛ لشدة منافاته ـ