(يَسْتَفْتِحُونَ) : يستنصرون (عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا) قبل أن يبعث محمد صلىاللهعليهوسلم ، يقولون : اللهم انصرنا بحق نبيّك الذى تبعثه ، فلما لم يجئهم على هواهم ومرادهم كفروا به ، فلعنة الله على الكافرين.
وقوله : (بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللهُ).
يقول : اشتروا ما به هلاكهم بما به نجاتهم.
وذلك أنهم كانوا آمنوا بمحمد صلىاللهعليهوسلم ؛ فكان إيمانهم به نجاتهم فى الآخرة ، فكفروا به ، وذلك هلاكهم ، وبالله التوفيق.
وقيل (بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ) : باعوا به أنفسهم بعرض يسير من الدنيا ، بعذاب فى الآخرة أبدا.
وقوله : (بَغْياً).
قيل (١) : حسدا منهم ؛ وذلك أنهم قد هووا أن يبعث محمد صلىاللهعليهوسلم من أولاد إسرائيل ؛ لأنهم كانوا أمّته ، فلما بعث من أولاد إسماعيل ـ عليهالسلام ـ والعرب كانت من أولاده كفروا به ، وكتموا نعته حسدا منهم.
وقوله : (أَنْ يُنَزِّلَ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ).
يعنى : النبوة والكتاب على محمد رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
وقيل (٢) : (بَغْياً) أى : ظلما ، ظلموا أنفسهم بكفرهم بمحمد صلىاللهعليهوسلم ، وتكذيبهم إياه.
وقوله : (فَباؤُ).
قد ذكرنا فيما تقدم.
وقوله : (بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ).
يحتمل وجهين :
قيل : استوجبوا الغضب من الله ؛ بكفرهم بمحمد صلىاللهعليهوسلم ، على أثر غضب ؛ بكفرهم بعيسى ، وبما جاء به.
وقيل : إنما استحقوا اللّعنة على أثر اللّعنة ؛ بعصيان بعد عصيان ، وبذنب على أثر الذنب. والله أعلم.
وقوله : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِما أَنْزَلَ اللهُ).
على محمد صلىاللهعليهوسلم من القرآن.
__________________
(١) قاله قتادة ، أخرجه ابن جرير عنه (١٥٣٩) وعن السدى (١٥٤٠) وأبى العالية (١٥٤١).
(٢) قاله البغوى فى تفسيره (١ / ٩٤).