قيل (١) : الفقه ، يقول : يعلمهم الكتاب وما فيه من الفقه.
وقيل : الحكمة ما فيه من الأحكام من الحلال والحرام.
وقيل (٢) : الحكمة : هى السنة هاهنا.
وقيل : الحكمة : هى الإصابة. وبعض هذا قريب من بعض ، وبالله التوفيق.
وقال (٣) الحسن : الحكمة : هى القرآن ؛ أعاد القول به. يعنى تكرارا.
وقال ابن عباس ـ رضى الله عنه ـ : الحكمة : الفقه.
وقوله : (وَيُزَكِّيهِمْ).
قال ابن عباس (٤) ـ رضى الله عنه ـ : يأخذ زكاة أموالهم ـ فذلك يزكيهم ـ كقوله : (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها) [التوبة : ١٠٣].
وقيل : يزكيهم إلى ما به زكاة أنفسهم.
وقيل : يزكيهم بعمل الصالح.
فإن قال لنا قائل ممن ينتحل مذهب الاعتزال : أليس الله ـ عزوجل ـ أضاف التزكية والهداية إلى رسوله ، ولم يكن منه ـ حقيقة ـ فعل التزكية والهداية ، ولا خلق ذلك منه ـ كيف لا قلتم أيضا ـ فيما أضاف ذلك إلى نفسه : أن ليس فيه منه خلق ذلك ، ولا حقيقة سوى الدعاء والبيان ، على ما لم يكن فى إضافة ذلك إلى رسوله سوى الدعاء والبيان؟!
قيل : كذلك على ما قلتم : أنه أضاف ذلك إلى رسوله بقوله : (وَتُزَكِّيهِمْ) [التوبة : ١٠٣] ، وبقوله : (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) [الشورى : ٥٢] ، وقوله : (وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) [الرعد : ٧] ، غير أنه جعل إلى نفسه فضل هداية ، لم يجعل ذلك لرسوله صلىاللهعليهوسلم وأثبت زيادة تزكية ، لم يثبت ذلك لرسوله عليهالسلام ؛ كقوله : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) [القصص : ٥٦] ، وكقوله : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلكِنَّ اللهَ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ) [النور : ٢١].
فدل إضافة تلك الزيادة إلى نفسه على : أنّ له فضل فعل ، ليس ذلك لرسوله ، وهو خلق فعل الاهتداء ، وفعل التزكية ، وبالله التوفيق.
وبعد : فإن الرسول لا يحتمل أن يملك قدرة فعل أحد يقدره عليه لو أراده (٥) بما
__________________
(١) قاله مالك ، أخرجه ابن جرير عنه (٢٠٨٤). وانظر تفسير البغوى (١ / ١١٧).
(٢) قاله قتادة ، أخرجه ابن جرير عنه (٢٠٨٣). وانظر تفسير البغوى (١ / ١١٧).
(٣) قال مجاهد : فهم القرآن ، كما فى تفسير البغوى (١ / ١١٦).
(٤) أخرجه ابن جرير بنحوه (٢٠٨٦) ، وانظر تفسير البغوى (١ / ١١٧).
(٥) فى أ : أرادهم.