فهو ميت» (١).
ولأن الصوف واللبن وغيرهما ليسوا بذوى الروح فيموت باستخراج الروح منها ؛ كالحيوان على ما ذكرنا من الخبر.
وروى عن عمر ، رضى الله تعالى عنه ، أنه سئل عن الأنفحة استخرجت من الميتة ، فقال : أفيها دم؟ فقيل : لا. فقال : لا بأس (٢) ، كلوا ؛ فإن اللبن على ذكاة فيه. أو كلام نحو هذا.
وكذلك روى عن ابن عمر ، رضى الله تعالى عنهما ، أنه قال : لا بأس (٣).
فإن قيل : ألا فسد بنجاسة الضرع ؛ كالوعاء النجس يكون فيه اللبن يفسد بفساده؟
قيل : إن الشىء إذا كان موضعا للشىء ومعدنه فى الأصل فإن فساد ذلك الموضع لا يوجب فساد ما فيه.
ألا ترى أن الدم الذى يجرى بين الجلد واللحم إذا ذبح لا يفسد اللحم لما كان ذلك موضعه ومظانه؟! فعلى ذلك اللبن فى الضرع.
وأما الإهاب : فإنه إذا دبغ فقد طهر ؛ لما روى عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «أيما إهاب دبغ فقد طهر» (٤).
والدم المذكور فى هذه الآية هو الدم المسفوح. دليله قوله تعالى : (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً) [الأنعام : ١٤٥] ،
__________________
ـ الصفة الأولى : أنه عضو أبين قبل تمام التذكية فيكون حكمه حكم المبان من الحى فلا يحل. والصفة الثانية : أن التذكية سبب فى حل المذكى ، وكل من المبان والمبان منه مذكى ؛ لأن التذكية بالصيد هى تذكية للمصيد كله لا لبعضه ، فيحل العضو كما يحل الباقى.
ينظر : مواهب الجليل (٣ / ٢٢٨) ، والمحلى لابن حزم (٧ / ٤٤٩) ، والشرح الكبير (١١ / ٥٣) ، وحاشية ابن عابدين (٥ / ١٩٧).
(١) أخرجه الحاكم (٤ / ١٢٤ ، ٢٣٩) عن أبى سعيد الخدرى أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم سئل عن جباب أسنمة الإبل وأليات الغنم ، فقال : «ما قطع من حى فهو ميت» ، وقال الحاكم بعد الرواية الأولى : رواه عبد الرحمن بن مهدى عن سليمان بن بلال عن زيد بن أسلم مرسلا ، وقيل : عن زيد بن أسلم عن ابن عمر. ثم ساقه من حديث ابن عمر مسندا ، وقال بعد الرواية الثانية : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه ووافقه الذهبى.
قلت : ورجح الدار قطنى الرواية المرسلة ، نقله الحافظ فى التلخيص (١ / ٣٩) ، وذكر له شواهد فانظرها.
(٢) انظر السنن الكبرى للبيهقى (١٠ / ٦ ـ ٧).
(٣) ينظر : التخريج السابق.
(٤) أخرجه مسلم (١ / ٢٧٧) ، كتاب الحيض : باب طهارة جلود الميتة بالدباغ (١٠٥ / ٣٦٦) ، ومالك فى الموطأ (٢ / ٤٩٨) ، (١٧) ، والشافعى فى مسنده (١ / ٢٦) (٥٨).