البقرة (٢٣٨) وفيها مسائل :
الأولى قوله تعالى (حافِظُوا) المحافظة الاهتمام الأكيد بشأن الصلاة مقابل التضيع والاستخفاف بها والمراد التذكر والإرشاد إلى المراقبة والمواظبة للصلاة وحدودها والتماس ما فيها من إسرارها وأنوارها ودرك فوائدها فإنها منهاج الأنبياء المقربين وقرة عين سيد المرسلين ومعراج المؤمنين وضروري انه لا مطمع لأحد في نيل أنوارها إلا بعد المراقبة التامة لأصلها وحدودها المقررة وليس التساهل والتسامح فيها الا من ضعف اليقين وعدم لياقة هذا المصلي بالتشرف بحريم القرب والمناجاة مع رب العالمين وفيه شيء من علامات النفاق فالمصلي يحتاج إلى رهبة ورغبة وخوف وطمع وخشوع وإخبات مع إتيانه بجميع الشرائط والحدود المقررة ولا بد للذين يرجون أيام الله ويخافون مقامه ان يجاهدوا أنفسهم ويراقبوها حتى يأهلوها شيئا فشيئا فليس من رحمة الله بعجيب ولا من كرمه بغريب ان ينظر الله إليهم بنظرة رحيمة ففي الروايات المروية عن أئمة أهل البيت (ع) شفاء لما في الصدور ودواء للداء المزمن في القلوب وقد ذكر شيخنا العلامة الشهيد الثاني (قده) جملة كافية في كتابه أسرار الصلاة على إخواني المحصلين الرجوع إليها فعن الرضا (ع) قال للصلاة أربعة آلاف باب ، وفي البحار عن فلاح السائل عن كنز الفوائد عن الصادق (ع) للصلاة أربعة آلاف حد.
وفي البحار عن فلاح السائل ذكر الكراجكي في كتاب كنز الفوائد قال جاء في الحديث ان أبا جعفر المنصور خرج في يوم جمعة متوكئا على الصادق جعفر بن محمد (ع) فقال رجل يقال له رزام مولى خالد بن عبد الله من هذا الذي بلغ من خطره ما يعتمد أمير المؤمنين على يده فقيل هذا أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق صلوات الله عليهما فقال أي والله ما علمت لوددت أن خد أبي جعفر نعل لجعفر ثم قام فوقف بين يدي المنصور فقال له اسأل يا أمير المؤمنين فقال المنصور سل هذا فقال أني أريدك بالسؤال فقال المنصور سل هذا فالتفت رزام الى الامام جعفر بن محمد (ع) فقال له أخبرني عن الصلاة وحدودها فقال له الصادق للصلاة أربعة آلاف حد لست تؤاخذ بها فقال أخبرني بما لا يحل تركه ولا تتم الصلاة إلا به فقال أبو عبد الله الصادق لا تتم الصلاة إلا لذي طهر سابغ وتمام بالغ غير نازع ولا زايغ عرف فوقف واخبت فثبت فهو واقف بين اليأس والطمع والصبر والجزع كان الوعد له صنع والوعيد به وقع بذل عرضه وتمثل غرضه وبذل في الله المهجة وتنكب اليه غير المحجة مرتغم بارتغام يقطع علائق الاهتمام بعين من له قصد واليه وفد ومنه استرفد فذا أتى بذلك كانت هي الصلاة التي بها أمر وعنها أخبر وانها هي الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر فالتفت المنصور الى أبي عبد الله فقال يا أبا عبد الله لا نزال من بحرك نغترف وإليك نزدلف تبصر من العمى وتجلو بنورك الطحياء فنحن