ميلها عن كبد السماء وهذه حجة قوية في هذا الباب استنبطتها بناء على ما اتفق عليه أهل اللغة ان الدلوك عبارة عن الميل والزوال والله العالم انتهى.
أقول : يحتاج تتميم هذا الاستدلال الى ما ذكرنا من كون القضية حقيقية وسكوت الآية عن تفصيل الأوقات وبعبارة اخرى ان دلوك الشمس هو الحد الأول لإيجاب الصلوات فيستحيل ان يكون المراد كل دلوك على نحو العموم إذ لا يجب عند كل واحد من دلوك الشمس وميلها عن محلها صلوات فتنحصر بالنوع الخاص من الدلوك اي ما كان الأول زمانا بالنسبة إلى الغروب واجلى مفادا أو حقيقة منه وحيث ان القضية حقيقية فيتحقق حد الوجوب ويستقر الوجوب يتحقق الحد والشرط سواء قلنا ان الغروب من مصاديق الدلوك أم لا وغاية ما يقال ان نلتزم ان تعيين الدلوك الذي هو الحد الأول يحتاج الى البيان المنفصل من الشارع.
عن زرارة في رواية عن الباقر (ع) في قوله تعالى (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) قال زوالها غسق الليل نصف الليل وذلك أربع صلوات وضعهن رسول الله ووقتهن للناس الحديث.
وفي قلائد الدرر في الحسن عن زرارة قال كنت قاعدا عند أبي عبد الله (ع) فقال له حمران ما تقول فيما يقول زرارة وقد خالفته فيه فقال أبو عبد الله (ع) ما هو قال يزعم ان مواقيت الصلوات كانت مفوضة إلى رسول الله هو الذي وضعها فقال أبو عبد الله فما تقول أنت؟ قلت ان جبرئيل أتاها في اليوم الأول بالوقت الأول وفي اليوم الأخير بالوقت الأخير ثم قال جبرائيل ما بينهما وقت فقال أبو عبد الله يا حمران ان زرارة يقول ان جبرئيل انما جاء مبشرا الى رسول الله وصدق زرارة إنما جعله الله ذلك الى محمد فوضعه وأشار جبرئيل به عليه ويشهد على ذلك ما في تفسير العياشي.
أقول يظهر من الحديثين ان المواقيت أوحى إليه (ص) من غير طريق القرآن وان تفصيل المواقيت لا بد ان يطلب من السنن. ولا ينافي ذلك ما في مفاد بعض الروايات ان الله بين أوقات الفرائض فإنه تعالى قد بينها بلسان نبيه ولا ينافي ذلك ذيل الحديث لعدم المنافاة بين التفويض اليه (ص) واشارة جبرئيل (ع) الى ذلك أيضا قوله تعالى (إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) غاية لوجوب اقامة الصلوات وظاهرها عدم تشريع الصلوات بعد الغسق الا انه في معرض التقييد بالنسبة الى بعض أنواع المكلفين.
والغسق قيل ظهور الظلمة وقيل سقوط الشفق وقيل انتصاف الليل وحيث ان الغسق غاية لوجوب الصلوات فعند من يرى ان الغسق ظهور الظلمة وهو أول المغرب الشرعي تكون الآية غير شاملة لصلاة المغرب فما أبعد بين هذا القول وبين