الشمس ضاحية مشرقة ويؤيد ذلك ما ذكره في المجمع ج ١٠ حيث قال وقد اقسم سبحانه بنور الشمس كله من قولهم ضحى فلان للشمس إذا ظهر لها انتهى. وقيل الضحى صدر النهار والأظهر هو الوجه الذي ذكرناه.
قال تعالى (أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا بَياتاً وَهُمْ نائِمُونَ أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ) (الأعراف ٩٨) فالضحى في هذه الآية الكريمة ما يقابل البيات الواقع في الليل قوله تعالى (وَاللَّيْلِ إِذا سَجى) قال في القاموس سجي سجوا سكن ومنه البحر والطرف الساجي انتهى أقول أن المراد من سكون الليل سكون ما فيها من الأصوات أو سكون من فيها وما فيها من الحركة والعمل أو ركود ظلامها.
قوله تعالى (ما وَدَّعَكَ) الآية هو من التوديع بالتشديد لأنهم اماتوا ماضي يدع ويذر في التبيان ج ١٠ عن سيبويه انهم استغنوا (بترك) عن ودع ولم يستعملوه انتهى. أقول معناه ترك الشيء والوداع من باب المفاعلة الترك من الجانبين وقوله تعالى قال بمعنى أبغض وكره فقوله تعالى (ما وَدَّعَكَ) الآية جواب للقسم المذكور في صدر السورة. وقد اضطربت كلماتهم في تفسير المقام وارتباط هذه الآية بقوله تعالى (وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى) وفي بيان حقيقة الأمر في قوله تعالى (ما وَدَّعَكَ) إلخ فقالوا وأطالوا ولم يأتوا بشيء مبين وقول فصل وذكروا في شأن نزولها أشياء عجيبة قال الرازي في تفسيره ج ٢١ ص ٢٠٩ قال المفسرون وابطأ جبرئيل على النبي (ص) فقال المشركون قد قلاه الله وودعه وانزل الله تعالى هذه الآية وقال السدي ابطأ عليه أربعين ليلة فشكى ذلك الى خديجة فقالت لعل ربك نسيك وقلاك وقيل أن أم جميل امرأة أبي لهب قالت له يا محمد (ص) ما أرى شيطانك الا قد تركك انتهى أقول وروي غير ذلك أيضا وفي نور الثقلين ج ٥ ص ٥٩٤ عن علي ابن إبراهيم رواية احتباس الوحي أن خديجة قالت لعل ربك قد تركك فلا يرسل إليك فأنزل الله تبارك وتعالى (ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى) أقول وروى غير تلك الا ان هذه الروايات ضعاف وما رووه عن طريق العامة مرسلات تاريخية مختلفة في مفادها وذلك غير ناهضة لإثبات احتباس الوحي على رسول الله على وجه إعراضه تعالى عنه (ص) ولو كان أياما قلائل والوجوه التي ذكروها في علة احتباس الوحي انه كان ذلك تأديبا وتقريعا مكذوبا لان صريح الآية أنه تعالى ما ودعه وما قلاه ثم على فرض صحة جميع ذلك كيف يصح ارتباط هذه الآية بقوله (وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى)
قال في الكشاف ج ٤ ص ٦١١ كيف اتصل قوله (وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى)