رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ) (غافر ٧).
قال تعالى (بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ) الى قوله (لا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) الآية الأنبياء (٢٩) فالآيتان كما ترى مطلقتان من حيث الموقف من غير تقييدهما بموقف دون آخر ومنها وهي أكثرها ما يدل على وقوع الشفاعة في القيامة قال تعالى (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى) (الضحى) قال تعالى (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً) (الاسراء) قال تعالى (فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ) (المدثر ٤٨) قال (فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ) (الشعراء ١٠٠) فان الآيتين الأخيرتين تحكيان قول أهل النار وفيهما دلالة على أن هناك شفعاء قد أنجى الله المذنبين من الموحدين بشفاعتهم من النار وبقي فيها الكافرون فلا شفيع لهم وفي تفسير الآية الأخيرة عدة من الروايات الصريحة يؤيد مفاد الآية ولا يخفى انه لا مجال لتوهم التنافي والتعارض بين هذه الآيات ضرورة انه لا تنافي بين مثبت ومثبت الا مع الحصر في أحدهما أو في كليهما فلا مجال لتقييد مطلقات هذه الآيات بمقيداتها فان ثبوت الحكم للمقيد بعناية خاصة لذكره لا يوجب نفي الحكم عن الأنواع الأخرى للمطلق فيجب الأخذ بالآيات المطلقة وإثبات الشفاعة المقبولة عند الله سبحانه في كل واحد واحد والالتزام بمفاد كل واحد من الآيات مطلقاتها ومقيداتها فان قلت يكفي في تقييد هذه المطلقات بعض النصوص الدالة على نفي الشفاعة في البرزخ فتنحصر الشفاعة المقبولة بعد الموت بالقيامة قبل دخول النار أو بعدها البرهان ج ٣ ص ١٢٠ في تفسير قوله تعالى (وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) عن الكليني مسندا عن عمر ابن يزيد قال قلت لأبي عبد الله (ع) الى ان قال قلت جعلت فداك ان الذنوب كثيرة كبار فقال اما في القيامة فكلكم في الجنة بشفاعة النبي المطاع ووصي النبي صلوات الله عليهم ولكنني والله أتخوف عليكم البرزخ قلت وما البرزخ قال القبر منذ حين موته الى يوم القيامة.
في نور الثقلين ج ٣ ص ٥٥٣ تفسير علي ابن إبراهيم قوله عزوجل (وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) قال البرزخ هو أمر بين أمرين الثواب والعقاب بين الدنيا والآخرة وهو قول الصادق (ع) والله ما أخاف عليكم الا البرزخ فأما إذا صار الأمر إلينا فنحن اولى بكم.
وفيه أيضا عنه (وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) قال الصادق عليهالسلام البرزخ القبر وهو الثواب والعقاب بين الدنيا والآخرة والدليل على ذلك قول العالم عليهالسلام والله ما يخاف عليكم الا البرزخ أقول لا يخفي ما في متن الرواية الأخيرة من الاضطراب مع احتمال ما أرسله على ابن إبراهيم هو عين رواية الكافي فيكون مرجع جميعها إلى رواية واحدة وثانيا ان هذه الروايات مع قطع النظر عما ذكرناه معارضة بطوائف مع الروايات فلا يصلح لتقييد الآيات المطلقة التي أشرنا إليها.