أطلق فمعناه بعد عن الخير. إذا تمهد ذلك فنقول معنى الجنب والجنابة والعناية الملحوظة في الوضع في المقام ان الإنسان بعد عمل الاختلاط بالنسوان أو بعلل اخرى يحتاج الى تنظيف وطهارة في الجملة وفيه نوع من الاستقذار وهذه القذارة منها ما كان محسوسا ومنها ما ليست بمحسوسة لضعفها وخفتها وفي أقرب الموارد جنب الرجل من باب ضرب تنجس وفي القاموس الجنابة المني وفي الروايات أيضا إشعار بذلك في البحار عن الاحتجاج الطبعة القديمة عن الصادق (ع) الى ان قال السائل فما علة غسل الجنابة انما اتى الحلال وليس من الحلال تدنيس قال الى ان قال ان النطفة دم لم يستحكم ولا يكون إلا بحركة شديدة وشهوة غالبة فاذا فرغ الرجل تنفس البدن ووجد الرجل رائحة كريهة ، الخبر. عن القاموس تنفس الفرج نضخ الماء وفيه أيضا عن العلل والعيون مسندا عن محمد بن سنان عن الرضا (ع) قال وعلة غسل الجنابة النظافة وتطهير الإنسان نفسه مما اصابته من أذاه وتطهير سائر جسده لأن الجنابة خارجة من كل جسده الخبر فتبين مما ذكرنا ان الجنب هو المستقذر والبعيد بحسب الواقع لا بحسب لحاظ حكم الشرع في المعنى اللغوي وفي ما ذكرنا في الاستظهار كفاية في تأمين المدعي وان العناية المأخوذة في وضع هذا اللفظ للمعنى اللغوي غير محتاج الى لحاظ الحكم الشرعي وان أبيت مما ذكرنا وصعب عليك قبوله فعبر عن هذه الحالة المستقذرة بالحدث المعنوي وقد كشف عنه أمر الشارع ان الإنسان الجنب بما له من المعنى اللغوي موضوع لعدة من الأحكام الشرعية من الوجوب ـ والتحريم وغيرهما.
قوله تعالى (فَاطَّهَّرُوا) الطهارة والنظافة من المفاهيم الواضحة عند كل عاقل وحسن الطهارة والنظافة وكذلك ردائه القذارة مما يستقل به العقل بالضرورة وليست لهما حقيقة شرعية أو متشرعة. فالطهارة على إطلاقها وبحسب مراتبها ممضاة في نظر الشرع في التذكر بها والإرشاد إليها وردت آثار كثيرة الا ان الواجب منها في موارد قام الدليل بخصوصه على وجوبها وعلى اشتراطها صحة أو كمالا في بعض العبادات.
إذا تقرر ذلك فنقول المأمور به في الآية الكريمة هي الطهارة ومقتضى إطلاق الطهارة وعدم تقييدها بواحد من الأعضاء هو غسل تمام البدن من قرنه الى قدمه فمرجع هذا الإطلاق بالحقيقة هو الإطلاق في المتعلق اي متعلق التطهير لا في نفس التطهير فإن الإطلاق في التطهير غير وافي لإفادة المطلوب كما لا يخفى.