«فرعان»
ذكر العلامة في البحار ص ٣٣٢ عن بعض الأصحاب ان كلمة ما في قوله تعالى (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ) ـ الى آخره ـ عام شامل لما زاد عن الحمد والسورة الا أن الزائد منفي بالإجماع فيبقي وجوب السورة سالما عن المعارض انتهى.
أقول خلاصة ما ذكره (قده) في الجواب ان القول بالعموم متوقف على ان يكون (ما) موصولة بمعنى الذي فمن الجائز ان يقال انها نكرة موصوفة أي فاقرؤوا شيئا ميسورا من القرآن على ما أحببتم وكيف أردتم وهذا هو المناسب لغرض الآية وسياقها الواردة في مقام التخفيف والترخيص في ترك الأشق الى الأسهل.
الثاني روي عن أبي حنيفة وصرح به الجصاص ان الآية تدل على جواز ترك الفاتحة واجزاء قليل من القرآن غيرها والظاهر ان منشأ هذا الوجه هو توهم الإطلاق في الآية ولا يخفى وهن هذا الوجه وسقوطه فإن الإطلاق في أمثال المقام إطلاق عامي بدوي في معرض التقييد فلا ينعقد الإطلاق قبل الفحص عن القيد ولا يصح التمسك به بالضرورة فالآية الكريمة لا تدل على أزيد من جزئية السورة في الصلاة واما اشتراط الفاتحة وعدمها وبيان مقدار ما تجزى من السورة في النوافل والفرائض فخارج عن عهدة الآية يحتاج الى بيان آخر فالمتبع في هذا الباب هو السنن القطعية من أفعاله (ص) وأقواله وما ورد من عترته الهادين.
وقيل ان المراد من القراءة في الآية هو قراءة القرآن لا الصلاة فمنهم من قال بالاستحباب وبعض على الوجوب لان القارئ يقف على اعجاز القرآن ودلائل التوحيد وإرسال الرسل.
أقول الوجه الأرجح ما ذكرنا من ان المراد هو الصلاة ثم انهم اختلفوا في المقدار المأمور به عن القراءة على أقوال.
فعن سعيد بن جبير خمسون آية وعن ابن عباس مائة آية وعن جويبر ثلث القرآن لان الله يسره على عباده وقيل غير ذلك أيضا وأنت تعلم أن تعيين هذا المقدار يحتاج الى الدليل وما ذكره جويبر فإنه بناء على العموم وان ما بمعنى الذي وقد ذكرنا ما فيه من الوهن.
في الوسائل عن الكليني مسندا عن حريز عن أبي عبد الله (ع) قال القرآن عهد الله في خلقه فقد ينبغي للمرء المسلم ان ينظر في عهده وان يقرأ منه كل يوم خمسين آية.
وفيه أيضا عن الشيخ مسندا عن معمر بن خلاد عن الرضا (ع) قال سمعته يقول ينبغي للرجل إذا أصبح ان يقرأ بعد التعقيب خمسين آية.
وقراءة القرآن من أهم العبادات ولها شرائط كثيرة مذكورة في جوامع الأحاديث