فرق بين تحريم الإهانة وعدم مراعاة أدب الحضور وبين إيجاب التشريف له (ص) على جميع الأمة الإسلامية قال تعالى (الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) الحجرات. فتحصل أن ما ذكروه في استفادة الوجوب ضعيف جدا لا يمكن الركون اليه واما القائلين بعدم الوجوب فإنهم استندوا الى الأصل قالوا ولو كان فريضة لوجب ذكره عند الآذان وفي إقامة الشعائر الإسلامية وفي الخطب والمواعظ وليس في تعليم ذلك للمؤذنين وغيرهم اثر عن النبي (ص) ولم يقع إنكار على ترك ذلك كما هو كذلك الآن ولو كان كذلك لنقل إلينا هذا كله في صورة ذكر الاسم الشريف واما عند عدم الذكر فإثبات الوجوب فيه إشكال.
إذا تقرر ذلك فنقول الآية الكريمة مطلقة سواء ذكر الاسم الشريف أم لا ولا كلام في عدم وجوب الصلاة عليه ابتداء من دون ذكر الاسم الشريف واما عند الذكر فمع هذه الروايات الكثيرة المشحونة بقرينة الاستحباب ينهدم إطلاق الآية وظهورها في الوجوب بحسب الإطلاق فالمتحصل تأكد الاستحباب عند الذكر ودونه ابتداء وكذا الكراهة والتوبيخ على من بخل بالصلاة عليه عند ذكره (ص).
الثالث لا يخفى ان الآية الكريمة لا يمكن الاستدلال بها على وجوب الصلاة في التشهد وجزئيته في الصلاة سواء قلنا بالوجوب أو الاستحباب فإن الآية سيقت لبيان رجحان النفسي الاستقلالي للصلاة لا الغيري على نحو الجزئية ومع الغض عما ذكرناه لا يجوز تنزيل الآية مع إطلاقها على مورد خاص بالنحو الخاص لعدم الدليل على شيء من التقييدين على ان ذلك متوقف على ان الآية تفيد الوجوب وقد مر الكلام فيها فالأولى الاستدلال بوجوب الصلاة في التشهد بالأدلة الخاصة التي تقرر في محلها.
قوله تعالى (وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) التسليم هو الانقياد والإذعان بالطاعة أي التسليم له في جميع ما جاء به من الشرائع والأحكام والتصديق بجميع ما جاء به من العلوم والمعارف والحقائق وبما بشر به وبما أنذر به وحذف المفعول به والعدول إلى الإطلاق وتأكيد الفعل بقوله تسليما فيه إشعار ان التسليم له (ص) لا التسليم عليه أي السلام اللفظي وقول السلام عليك فهذه الجملة في الآية نظير قوله تعالى (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) النساء (٦٤) وهذا هو محض الإسلام وحقيقة الايمان.
في نور الثقلين ج ٤ ص ٣٠٥ عن محاسن البرقي عن محمد بن سنان عمن ذكره عن أبي عبد الله (ع) في قول الله عزوجل أن الله ـ الآية ـ فقال أثنوا عليه وسلموا له (ص).