أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلاً وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً) (٧) المزمل.
بيان : ـ السورة مكية وفي رواية عن ابن عباس ان أول ما نزل عليه بمكة «اقرأ باسم ربك ثم «ن والقلم» ثم المزمل وسيجيء الكلام في الآيات التي في آخر السورة والمزمل أصله متزمل قلبت تائه زاء وأدغمت الزاء في الزاء.
قال في الكشاف وكان رسول الله (ص) نائما بالليل متزملا في قطيفة فنبه ونودي بما يهجن الله الحالة التي كان عليها من التزمل في قطيفة واستعدا للاشتغال في النوم كما يفعل من لا يهمه أمر ويغنيه شأن الى ان قال فذمه بالاشتمال بكسائه وجعل ذلك خلاف الجد والكيس وأمر بأن يختار على الهجود التهجد وعلى التزمل التشمر والتخفف في العبادة لله لا جرم ان رسول الله (ص) قد شمر مع أصحابه حق التشمر انتهى ما أردناه.
أقول قد أخطأ الزمخشري وأساء الأدب إلى ساحة قدس الرسول الأعظم وليت شعري كيف رضي الله تعالى ذم رسوله وصفية بالتهجن اليه بالحالة التي كان يتكاسل فيها ويشتغل بعبادة ربه وبعدم تمرنه وضعفه في العبادة وقيام الليل واختياره النوم والفراغ عليها كيف وقد كان رسول الله قبل نزول الوحي عليه وبعده متعبدا ومتنسكا وقويا ومتمرنا وناشطا في عبادة ربه واجتهاده فيها. يقوم بين يدي ربه في آناء الليل وأطراف النهار راغبا راهبا وليس متكاسلا ولا متناعسا ولا متثاقلا قبل نزول الوحي عليه وكيف بعد نزوله.
قال في الكامل طبع بيروت ج ٢ ص ٢٩ في شرح حالة صلىاللهعليهوآله قبل البعثة الى ان قال ثم حبب إليه الخلأ فكان بغار حراء يتعبد بها الليالي ذوات العدد ثم يرجع الى أهله فيتزود بمثلها فجاءه الحق وجاء جبرائيل انتهى ـ فسنة الله سبحانه في تربية أوليائه وتأديب أصفيائه انه يؤدبهم ويربيهم حتى يقومهم على ما أراد منهم ويستأهلهم لذلك فيتخذهم عبدا فيسددهم ويؤيدهم لذلك فاذا تمكن في مقام العبودية وسلك تمام منازلها ومراحلها وقام بوظائفها وشئونها على طمأنينة وسكينة من ربه فيتخذه نبيا ثم يتخذه كذلك رسولا ثم يتخذه كذلك اماما فليس في سنته تعالى وتربيته أنبيائه وإفاضته العلوم والحقائق وتحميل وظائف العبودية عليهم مجازفة ولا طفرة.
فلا يزالون حملة العلم والوحي واقفون موقف العبودية مترصدون بحسب