مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (الجمعة ـ ٩) تخصيص الخطاب للمؤمنين قيل لأنهم المنتفعون به واما عند من لم يل بصحة تكليف الكافر حال كفره فالأمر عنده أهون.
قوله تعالى (إِذا نُودِيَ) ـ إلى آخره ـ الظاهر ان المراد هو الآذان والإعلان بميقات الصلاة وإقامتها. قوله تعالى (مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ) قيل ان من بيان لأداء الجمعة كان معروفا عند المخاطبين وقت النزول وذكر بعض المفسرين وجه تسمية الجمعة جمعة وذكروا مبدأ تسميتها ولا يخفى ان تفسير الآية لا يحتاج الى ذكرها.
قوله تعالى (فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ) قال في القاموس يسعى سعيا كرعي قصد وعمل ومشى وعدا ونم وكسب وسعا به باشر عمل الصدقات انتهى. أقول قد توهم بعض ان المراد من السعي هو العدو وتكلف في الجمع بين الآية وبين ما يدل على استحباب المشي على سكينة في البدن ووقار في النفس فلا يخفى عدم تعين السعي في العدو بل الظاهر هو القصد والمشي ولعل العناية في لفظة السعي هو الاهتمام وتحصيل الفراغ في الميقات المعهود وذكر الله هو الصلاة ولا مانع من شموله لتعقيب الصلاة من التسبيح والتحميد والخطبة. قوله تعالى (وَذَرُوا الْبَيْعَ) اي اتركوه بالمعنى الاسم المصدري أي ما حصل بالعقد وتبديل العوضين والسلطة الخارجية عليهما لا المعنى المصدري فالظاهر بطلان البيع في الأول دون الثاني فإن حرمة العقد وهو السبب للسلطة الخارجية على العوضين لا ينافي جواز السلطة الخارجية على العوضين في فرض وقوع العقد الحرام.
قوله تعالى (ذلِكُمْ) أي السعي إلى ذكر الله وترك البيع.
إذا تقرر ذلك فنقول الآية الكريمة غير مسوقة في مقام بيان جعل الحكم وإنشاء الفرض بل في مقام الحث والتأكيد على اقامة ما كان مجعولا ومشروعا قبل النزول نعم الآية الكريمة كاشفة ان المندوب إلى إقامتها وطاعتها تشريع فرض سابق على وقت النزول ولا دلالة فيها ان المفروض صلاة خاصة بعينها ولم يتبين فيها حدود وشروط غير انها يوم الجمعة والناس مشتغلون في أسواقهم ومعاملاتهم فتنطبق على الظهر أيضا الا أن الأدلة المنفصلة قد قامت ودلت على ان المراد صلاة الجمعة والنداء يوم الجمعة إليها والتعبير عن الصلاة بالذكر لاشتمالها عليه ولبيان أهمية الصلاة وحكمتها والذي يوضح ما ذكرنا ان الآية ليست في مقام التشريع ما ذكره المفسرون ان رسول الله (ص) ورد قباء حين عزم عن مكة مهاجرا إلى المدينة واقام فيها أيام ولما انفصل منها أدركته الجمعة في بني سالم بن عوف في بطن واد لهم فنزل وخطب وجمع بهم في أول جمعة جمعها رسول الله (ص) في الإسلام ونزلت سورة الجمعة