بعد الحجرات والتحريم وهي السورة الثالثة والعشرين من السور النازلة في المدينة.
فاتضح بما ذكرنا ان وجوب السعي يوم الجمعة وجوب مقدمي لأجل الذكر ودركه وهو الصلاة وهو غير وجوب الصلاة وتشريعها بحسب أدلتها والإطلاق في وجوب السعي لا يدل على إطلاق فرض الصلاة بحسب حدودها وقيودها وانما تدل على وجوب السعي إذا أقيمت لأعلى وجوب السعي إليها ووجوب إقامتها كيفما اتفق.
قال العلامة : المجلسي (في البحار ١٨ ص ٧٥٩) لا ريب في نزول هذه الآيات وهذه السورة في صلاة الجمعة وأجمع مفسروا الخاصة والعامة عليه بمعنى تواتر ذلك عندهم والشك فيه كالشك في آية الظهار في الظاهر وغيرها من الآيات والسور التي مورد نزولها معلوم انتهى.
قلت نعم هو كذلك الا انها لم تكن لتشريع صلاة بعينها وانما تأمر وتأكد في حضور الجماعة يوم الجمعة مسجد الرسول (ص) معه ومورد النزول لا يكون مخصصا للآية وقياس هذه الآية مع آية الظهار في غير محله كما لا يخفى وغاية ما يمكن ان يقال في الاستدلال بالآية ان مورد النزول من أظهر مصاديق الآية وهي بعد قابلة الانطباق على صلاة الظهر أيضا والتخصيص بالجمعة انما هو بمعونة الروايات والأدلة الخاصة المنفصلة لا بحسب دلالة الآية فالعمدة في هذا الباب الروايات الشارحة لمورد نزول الآية وتخصيصها بالجمعة وبيان حدود هذه الفريضة وشرائطها ومن العجيب ما في الحدائق وقد بالغ وأصر في استفادة الوجوب من الآية وغفل ان الوجوب ضروري عند علماء الإسلام والآية في مرحلة سوق الناس الى امتثال الواجب على ما شرحناه.
ولو أغمضنا عما ذكرنا من البيان فالإطلاق المذكور لا يمكن الأخذ به قبل الفحص عن المخصصات والحدود فلا جدوى في التمسك بالإطلاق في إيجاب صلاة الجمعة على جميع التقادير بالنسبة إلى قيودها وشروطها ومما ذكرنا يعلم حال الأخبار الواردة المسوقة لتشريع صلاة الجمعة ووجوبها فان جميع ما في هذا الباب من اشتراط العدد وحضور الإمام أو مأذونه الخاص أو العام على ما ذكره بعض الأعيان وقرائن الاستحباب غير معارضة لهذه المعلومات والمطلقات بل مخصصة وشارحة لها نعم لم نظفر بشيء من المقيدات فلا مناص من الأخذ بالعموم.
في الوسائل عن الصدوق مسندا عن زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام قال انما فرض الله عزوجل على الناس من الجمعة إلى الجمعة خمسا وثلاثين صلاة واحدة فرضها الله عزوجل في جماعة وهي الجمعة ووضعها عن تسعة عن الصغير والكبير والمجنون والمسافر والعبد والمرأة والمريض والأعمى ومن كان على رأس فرسخين. ونحوها روايات أخرى صريحة في إفادة الوجوب فان قيل ان صلاة الجمعة كانت