سنة مستمرة دائرة من زمن الرسول إلى أواخر سنين العباسيين وهذه الروايات ناظرة الى ما كل في الخارج من السنة المستمرة فكان وجود الامام عادلا كان أو جائرا شرط مسلم مفروغ عنه عند المخاطبين فلا عموم فيها ولا إطلاق من حيث اشترط العدد والامام وغيرهما من الشرائط. قلت كلا فإنها ليست قضايا شخصية ناظرة الى ما في الخارج ولا مانع من التعويل فيها على قرينة منفصلة من حيث الشروط لهذا الوجه لا يصلح لتقييد هذه المطلقات إذا تقرر ذلك فيقع الكلام في مقامين الأول في الفحص والكلام في المخصصات والثاني في الكلام عن قرائن الاستحباب لهذه العمومات اما المقام الأول في الفحص والبحث عن المخصصات والشروط لهذه الفريضة قال في كنز العرفان السلطان العادل شرط في وجوبها وهو إجماع علمائنا انتهى أقول قد عرفت مما تلونا عليك من رواية زرارة عن الباقر (ع) وأشرنا الى ما في سياقها من الروايات الدالة على الوجوب ان صلاة الجمعة من الفرائض المسلمة بحسب الكتاب والسنة وعمدة ما يدعى فيها من تقيد إطلاق هذه الروايات اشتراط الإمام في وجوبه ولعل المراد من قولهم اشتراط وجوبه بالإمام كما ذكره في كنز العرفان اشتراط الواجب لا اشتراط الوجوب فان معنى اشتراط الوجوب بوجود الامام وحضوره هو انتفاء الوجوب عند عدم حضوره أو تعذر إقامتها عليه بخلاف اشتراط الواجب فان معناه ان الفريضة شرعت على الإطلاق ويجب على الامام عقد الجمعة وإقامتها ويجب على الناس الحضور عنده واقامة الجمعة معه ولا يجب على أحد التصدي بهذا الأمر واقامة الجمعة إلا بأمره واذنه بل يحرم عليه ذلك ولا مجال لبسط الكلام في هذه المسألة إلا أنا نشير إليها والى أدلتها ملخصا.
فقد استدل من طرف القائلين بالاشتراط بوجوه :
الأول الإجماع المنقول وهذا الإجماع وان تكرر في كلمات عدة من الأعاظم الا ان الظاهر انه تقيدي يدور اعتباره مدار الأدلة التي صارت منشأ للإجماع المذكور فلا يصح هذا الإجماع لتقييد الأدلة المطلقة المذكورة.
الثاني استبعادهم انه لو كانت الجمعة فريضة في عداد سائر الفرائض دون اشتراط الإمام في صحة إقامتها لوجب على النبي والخلفاء والأئمة سوق الناس إليها والعمل بها والاقدام بتعليمها ونشرها في البلاد الإسلامية والقرى والبوادي والحال ان الناس لا يعرفون من هذه الفريضة الا انها من الشعائر الإسلامية القائمة لشخص الخليفة.
قلت هذا لا ريب فيه إجمالا الا انه لا يعد دليلا فقهيا يصح لتقييد الروايات وهذا الذي ذكرت من مفاسد غصب الخلافة حيث ان أمير المؤمنين (ع). والعلماء الراسخين من آله لم يتمكنوا من تعليم الأحكام ونشرها ـ وبسط المعارف والحقائق