على ما هو حقها وقد أظلمت علوم الإسلام بالآراء والأهواء ومداخلة الخلفاء الجهلة والمتشبهين بالعلماء الذين يأكلون معهم الدنيا وكم لهذه المسألة من النظائر وخاصة هذه المسألة التي هي من شئون امامهم.
الثالث ما ذكرناه في صدر العنوان ان هذه المطلقات والعمومات إنما ألقيت على الناس وكانت السيرة المستمرة الدائمة القائمة عندهم إقامة الجمعة مع السلطان فكانت هذه السيرة قرينة قاطعة للمراد بهذه الروايات بحيث كانوا في غناء عن ذكر هذا الشرط فلا إطلاق ولا عموم فيها كي يحتاج الى التقييد والتخصيص. قلت قد ذكرنا ان هذا الاستظهار والاستنباط ليس قرينة عامة يعتمد عليها في مقام المحاورة وقد ذكرنا ان من هذه الروايات بعضها قضية حقيقية من دون نظر الى أشخاص وأحوال خارجية وبعبارة أخرى عمومات في معرض التخصيص فلو لم نظفر بقيد ولا شرط لوجب تحكيم عمومها فلا يجوز تقييدها بما ارتكز في أذهان الناس من السيرة المستمرة عندهم من اقامة الجمعة مع الخلفاء أو ممن كان منصوبا من قبلهم وبعضها قد وردت في موارد مختلفة في جواب سؤال السائلين أو مطلقا الا ان السيرة المستمرة لا تصلح لان تكون قرينة عامة في جميعها بحيث يعتمد عليها في المحاورات بحسب المقامات المختلفة.
الرابع عدة من الروايات التي استظهروا منها اشتراط صحة اقامة هذه الفريضة بوجود الامام وأصرح ما في هذا الباب وعمدتها ما في الصحيفة المباركة السجادية في الدعاء الثامن والأربعين حيث قال اللهم ان هذا المقام لخلفائك وأصفيائك ومواضع امناءك في الدرجة الرفيعة التي اختصصتهم بها قد ابتزوها. الدعاء. قوله (ع) هذا إشارة إلى المقام والقيام الظاهري والتصدي لأمر الجمعة والأعياد واقامة الشعائر المرسومة فيها المختصة بهم من الله سبحانه.
والدرجة الرفيعة هي الشؤون الخطيرة الخاصة بمقام الامارة والخلافة اختصوا بها تشريعا وتكوينا ومكنوا منها بتمكينه تعالى إياهم منها قوله «قد ابتزوا» بالبناء للمفعول اي سلبوها فعن الزمخشري قال في الأساس بز ثيابه سلبه انتهى.
وفي القاموس أخذ الشيء بجفاء وقهر كالابتزاز انتهى.
وليس المراد في الدعاء ابتزاز ما امتن الله به على مقام الخلافة من الحقائق المعنوية التكوينية فإنها من المعارف الواقعية والكمالات الحقيقية فمقامها أعلى وأرفع من أن تصل إليها أيدي الواثبين السارقين كيف وقد خصهم الله ببرهانه واصطفاهم لنوره وأيدهم بروحه.
وقد تبين مما ذكرنا من شرح الدعاء المباركة وجه استدلالهم بهذه الفقرة منها في