صحة صلاة الجمعة وفيه ان هذا التصريح باختصاصهم بإقامة هذه الفريضة ووجوب الحضور معهم فلا دلالة فيها على سقوطها عند تعذر إقامتها عليه أو غيبته (ع) عنها وبعبارة أخرى أوجب سبحانه عليهم وخصهم بإقامة هذه الفريضة وحضور الناس معهم أيضا فلا يجوز ان يتقدمهم أحد وعزلهم عن المراتب التي رتبهم الله فيها ومكنهم منها سيما في المشهد العظيم ولهم في هذا الاحتفال الكبير والملأ العام شئون خطيرة أخرى من رتق الأمور وفتقها وسوق الخطابة الى الناس وبيان الحقائق الرهينة بوجودهم وحضورهم من التذكر بالله سبحانه وبشيء من نعوت جلاله وكبريائه والوصية بالاتقاء في حضوره والمراقبة لجلالة والانذار والتخويف من مشهد القيامة ومواقفها سيما موقف العرض الأكبر على الله سبحانه فسياق الدعاء المباركة إثبات هذا المقام لهم والالتجاء والشكوى اليه تعالى من تغلب الظالمين والأشرار على مقام الأبرار وهضم حقوقهم وتبديل الأحكام وتحريف الفرائض ونبذ الكتاب وترك السنن ثم التقرب الى الله باللعن عليهم والبراءة وإظهار التنفر من أعمالهم.
واما الاستدلال بها على سقوط هذه الفريضة وأمثالها من الوظائف الموكولة إلى الرسول والامام بتغلب الظالمين عليها فغير ظاهر فيلتمس من أدلة أخرى وقد أعرضنا عن إيراد غيرها من الروايات التي ذكروها في المقام لضعف ظهورها وضعف الاستدلال بها على المدعى بديهة ان الاستدلال بها متوقف على استظهار ان وجود الرسول (ص) والامام (ع) شرط للوجوب الا انها شرط للواجب كما هو الظاهر ولعله المراد من ما رواه في الوسائل بإسناده عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال صلاة الجمعة فريضة والاجتماع إليها مع الإمام فريضة. الحديث. فان قيل لو أغمضنا عما ذكرنا من الوجوه الدالة على اشتراط الإمام في صحة إقامة الجمعة وأغمضنا عن الروايات الواردة في الاشتراط فلا دليل على مشروعيتها ورفع اليد عن فريضة الظهر فإن أقصى ما تدل عليه الآية الكريمة وما في سياقها وجوب السعي إليها والحضور عند إقامتها لو أقيمت على شرائطها فعلى القائلين بعدم الاشتراط في صحة إقامتها إثبات جوازها ومشروعيتها فليس هناك عموم أو إطلاق كي يتمسك في تصحيح هذه الصلاة ومشروعيتها.
قلت نعم الآية الكريمة وما في سياقها من الروايات كما أشرنا إليه سابقا لا تدل الا على وجوب السعي والحضور بالوجوب المقدمي في مرتبة امتثال الواجب لو أقيمت على شرائطها المقررة الا ان هناك من الاخبار ما سيقت الاخبار عن تشريعها على نحو الإطلاق في تشريعها في عداد تشريع سائر الفرائض مثل رواية زرارة المتقدمة التي أوردناها عن الوسائل قال (ع) فرض على الناس من الجمعة إلى الجمعة خمسا وثلاثين صلاة منها صلاة واحدة فرضها الله في جماعة وهي الجمعة. الحديث.