والرواية كما ترى ظاهرة في بيان حيث التشريع لا لإفادة وجوب السعي والحضور فهذه الرواية ونظائرها بإطلاقها الصريح بعد الفحص عن المقيدات وقرائن الاستحباب كافية في إثبات الجواز والمشروعية ويأتي مزيد توضيح لذلك فانتظره.
المقام الثاني اعلم ان في مقابل القول باشتراط الإمام أو منصوبة في صحة صلاة الجمعة قولا بالوجوب التعيني ومنشأ هذا القول على ما زعموا الآية الكريمة وما في سياقها من الروايات طائفة أخرى من الروايات المطلقة التي قد أشرنا إليها أنها سيقت للأخبار عن أصل تشريعها والإنباء بوجوبها فقد عرفت ان الآية الكريمة وما في سياقها من الروايات أجنبية عن افادة الوجوب واما المطلقات التي ذكرناها وقلنا انها كافية في إثبات المشروعية والجواز في مقابل القائلين باشتراط الامام واحتمال التحريم فبديهي ان التمسك بها والأخذ بإطلاقها لإثبات التعيني متوقف على الفحص عن مقيداتها وعما يعارضها أو ما يصلح ان يكون قرينة وشارحة لما يراد عن تعبير الفرض المذكور فيها.
في الوسائل عن الشيخ مسندا عن زرارة قال حثنا أبو عبد الله (ع) على صلاة الجمعة حتى ظننت انه يريد ان نأتيه فقلت نغدو إليك قال لا انما عنيت عندكم.
أقول الحث والتأكيد والترغيب إنما يلائم ويناسب الأمر المندوب والراجح الذي كان متروكا عند المخاطب ولو كان زرارة عاملا بها لكان المناسب التقدير والتشكر والمدح وكذا لو كان واجبا متروكا لكان المقام مقام الانذار والتخويف ولا يخفى ان أحن هذه الرواية ونظائرها ليس لحن الإجازة والاذن كما في بعض الكلمات بل لحنها لحن الجواز والاستحباب ، وبيان واقع الأمر وسوق أفاضل أصحابهم الى المكارم والفضائل.
وفيه أيضا عن الشيخ بإسناده عن محمد بن مسلم قال سألته عن أناس في قرية هل يصلون الجمعة جماعة قال نعم يصلون أربعا إذا لم يكن من يخطب.
أقول الاستفتاء عن إقامة الجمعة جماعة فأفتى (ع) بالجواز إذا كان فيهم من يخطب ولو كانت واجبة لوجب عليهم تعلم الخطبة أو إحضار من يحسنها فلو لم يكن فيهم خطيب فعليهم ان يصلوا أربعا سواء مكنوا من إحضار الخطيب أو مكنوا من تعلمها.
وفيه عن الفضل بن عبد الملك قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول إذا كان قوم في قرية صلوا الجمعة أربع ركعات وإذا كان لهم من يخطب لهم جمعوا إذا كانوا خمس نفرا وانما جعلت ركعتين مكان الخطبتين.
وتقريب الاستدلال فيها كما مر وفيه أيضا عن الشيخ عن زرارة بإسناده عن عبد الملك عن أبي جعفر (ع) قال مثلك يهلك ولم يصل صلاة فرضها الله قلت كيف اصنع قال صلوا جماعة يعني صلاة الجمعة.