والأذكار والتسبيح والتقديس والتكبير والثناء وقراءة القرآن أيضا بما انه عهد الله الى خلقه ومنشور ولايته وترسيم بوظائف العبودية له سبحانه فعلى هذا يكون الدعاء من مصاديق الصلاة لا من جملة معانيه فهذا من باب اشتباه المصداق بالمعنى والمفهوم فعلى عهدة الفقيه الأخذ بالمفهوم اللغوي المطلق للصلاة والتماس حدوده وقيوده وشرائطه من أدلة منفصلة أخرى أو متصلة وتعيين متعلق الأمر والنهي في آية أو رواية بتعدد الدال والمدلول حسب ما ظفر بها من القيود والحدود فيكون مراد المولى هو المعنى اللغوي المحدود بتلك الحدود وكذلك الكلام بعينه في الألفاظ الواردة لإفادة الحدود والشرائط وهكذا الكلام في غير الصلاة من الحقائق المرسومة التي جاء بها الشارع فعلى هذا تكون الصلاة المشروعة جميعا سواء كانت في الشرائع السابقة أو في هذه الشريعة المطهرة من إفراد المعنى العام اللغوي بالحقيقة وتحمل الصلاة على جميع تلك الأنواع بالحقيقة فصلاة الغرقى مثلا صلاة بالحقيقة وهكذا صلاة الجنازة وغيرها وبهذا يعلم وهن القول بالحقيقة الشرعية اي الوضع التعييني للألفاظ في مقابل ما جاء به من الحقائق وكذلك وهن القول بالحقيقة المتشرعة اي الوضع التخصصي من ناحية كثرة الاستعمال والإطلاق.
إذا عرفت ذلك فنقول لا دلالة في الآية ولا ظهور فيها في النهي عن الصلاة المتعارفة على الأموات وانما هي نهي عن الصلاة المطلقة عليهم أية صلاة كانت نعم هي شاملة بإطلاقها لتحريم الصلاة المتعارفة أيضا فإنها من أفرادها وأظهر مصاديقا فاتضح بما ذكرنا ضعف ما ذكره في القلائد وغيره في غيره ان المراد في الآية النهي عن الصلاة المتعارفة على الموتى أو ما قيل ان المراد النهي عن الدعاء بعد التكبيرة الرابعة خاصة ضرورة عدم وجه وجيه لشيء من هذه التقييدات وعرفت ان الآية بإطلاقها دافعة لها وظاهرة في النهي عن كل ما تتحقق به الصلاة من تشريفهم بالترحم والاستغفار والدعاء وإكرامهم بالقيام على قبورهم وبالشفاعة وطلب الكرامة لهم من الله سبحانه والآية الكريمة وما في سياقها من الآيات التي قبلها وبعدها نزلت في شأن المتخلفين عن رسول الله (ص) في جيش تبوك وقد اجهر الله بكفرهم وأظهر ما ابطنوا من النفاق في سرائرهم وصدورهم وهي مع ذلك قضية حقيقية سيقت لإفادة تحريم الانعطاف والترحم على موتى الكفار منه (ص) ومن كل واحد من أمته المؤمنين إلى الأبد والظاهر ان قوله أبدا تأكيد لدوام المنع واستمرار التحريم المستفاد من الجملة السابقة وفيه اشعار لما نشير اليه من أن المورد يقتضي أبدية التحريم وانقطاع الولاية والوداد بينهم وبين المؤمنين وفي الآية دلالة على ان وجه المنع كفرهم بالله وبرسوله ويؤيد المنع وعموم التحريم قوله تعالى (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ)