أحدهم من الغائط فمدحهم الله تعالى بتطهرهم ـ أقول في تفسير هذه الآية روايات من العامة والخاصة.
وههنا مسائل :
الأولى ـ المستفاد من إطلاق الآيتين كفاية مطلق الوضوء والنقاء من غير احتياج إلى الأحجار ومن غير احتياج الى تعدد الغسلات وتكرارها واما استحباب الجمع بين الماء والأحجار فبالأدلة المنفصلة.
الثانية ـ إطلاق الآيتين تشمل الطهارة المطلقة الحسية المعلومة سواء كان من الأحداث أو من الأقذار واما الطهارة المعنوية وهي الطهارة من درن الآثام ودنس المعاصي كما ادعاه بعض فبديهي عدم صحة هذا الإطلاق في الآية الأولى اعني الآية في سورة البقرة فإن مقابلة التوابين بالمتطهرين قرينة واضحة على ان المراد من المتطهرين هي الطهارة من الأقذار ومن الأحداث فان التوابين هم المتطهرون من قذارات الكفر والعصيان واما الآية في سورة التوبة فقد توهم بعض ان المراد فيها هي المعنوية غير شاملة للطهارة الحسية استنادا الى ان الآية ناصة بالمدح والثناء لأهل مسجد قباء الذي (أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى) في مقابل مسجد ضرار الذي أسس (إِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ) فالذين في مسجد قباء رجال صالحون كما ان الذين في مسجد ضرار رجال مفسدون فهذه المقابلة بين المسجدين ينتهي بالآخرة الى مقابلة من يسكنون فيهما بالكفر والايمان والطهارة والخباثة والإصلاح والإفساد فلا محالة تكون الآية ظاهرة ان الذين (يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا) اي من المعاصي والقبائح والفضائح وفيه ان ما ذكر من البيان لا يصلح لصرف اللفظ عن معناه اللغوي وما ذكره من المعنى أي الطهارة من القذارات العقلية ليست في عرض الطهارة الظاهرية إلا بضرب من التأويل والمناسبة فغاية ما يقال انها من المصاديق ومن أنواع الطهارة فلا وجه لاختصاص اللفظ بها ورفع اليد عن العموم والإطلاق واما لو قلنا ان إطلاق الألفاظ في مورد المعاني الظاهرية على المعنوية من باب التأويل فتخرج الطهارة المعنوية عن مصب الإطلاق والعموم فلا يصار إليها إلا بدليل قطعي.
الثالثة ـ يستفاد من الآية استحباب الكون على الطهارة كما اختاره في كنز العرفان وعلله بأن الطهارة شرعا حقيقة في رافع الحدث. أقول الحق انها من مصاديق المعنى اللغوي فقوله تعالى (وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) ليس المراد حدوث الطهارة محضا بل المحبوب نفس الطهارة وكذلك يستفاد محبوبية مطلق النظافة واستمرارها.
قال المحقق الأردبيلي (قده) وفي سبب النزول دلالة الى ان قال والمبالغة في الاجتناب عن النجاسات انتهى وهو كما قال فإن الآية صريحة انه تعالى (يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ).