المنار ملخصا أن أذى بمعنى الضرر وعلة للحكم قدم على الحكم تسهيلا لقبول المتساهلين.
وفيه أولا ان الأذى ليس بمعنى الضرر كي يكون علة للحكم ولو كان بمعنى الضرر فهو جواب عن السؤال مستقيما لا انه علة للجواب قدم على الجواب كي يتسارعوا الى قبوله ثم ان العلل المذكورة للاحكام في بعض الموارد في الكتاب والسنة لبست علة للحكم يدور مدارها وانما هو لبيان شيء من مصالحها وحكمها وقد ذكر في الآثار المروية عن النبي والأئمة (ع) من مفاسد الوقاع في زمن الحيض فلا يكون الأذى علة منحصرة للحكم فلا يمكن ان يقال ان الضرر على فرض تسليمه علة للحكم فلا وجه للالتزام بهذا الوجه الردي كي ينحل نظام الآية ويختل ارتباط جملاته.
قوله تعالى (فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ) الاعتزال هو التنحي والتباعد والمحيض كما ذكرنا في صدر البيان مصدر من حاض يحيض بمعنى سال يسيل مثل مجيء ومبيت والجار والمجرور بتقدير المضاف متعلق باعتزلوا واسم زمان متعلق به أيضا أي فاعتزلوا النساء في حال الحيض أو في زمان الحيض وعن الفخر الرازي وظاهر بعض المفسرين ان المحيض اسم مكان وهو موضع الدم وهو مفعول لاعتزلوا فيكون الآية نصا في تحريم موضع الدم من دون احتياج الى تقييد الاعتزال المطلق وتخصيصه بالأدلة المنفصلة بتحريم موضع الدم وقواه بعض الأجلة بأن المحيض لا يخلو اما ان أن يكون مصدرا إذا اسم زمان أو اسم مكان فعلى الأول يحتاج إلى إضمار المضاف والأصل عدم الإضمار وعلى تقديره فاضمار المكان أولى فإن إضمار الزمان التزام بوجوب الاجتناب المطلق عن النسوان بالكلية في مدة الحيض وهو خلاف الإجماع وهذا من العجائب فان في المحيض ظرف للاعتزال على جميع التقادير وليس مفعولا به وما ذكره في ترجيح كونه اسما للمكان قد خلط فيه بين المفعول به والمفعول فيه فلا يرجع ما ذكره هؤلاء الأفاضل إلى معنى محصل.
نعم ذكر بعضهم ان العناية بإعادة اسم الظاهر دون الإشارة بالضمير ان المحيض المذكور في صدر الآية والمذكور في المقام اسم زمان فالإتيان بالضمير لا يكون وافيا لإفادة المراد.
فتحصل ان تقييد وجوب الاعتزال بموضع الدم لا بد ان يلتمس عن الأدلة المنفصلة أو من قرائن أخرى وقد كثر القيل في هذا الباب من أرادها فليراجع الى المطولات.
والظاهر ان الآية الكريمة بعد التأمل فيها صدرا وذيلا تدل على ان المراد هو الاعتزال الخاص وهو الوقاع عن موضع الدم لا مطلق الاعتزال حيث قال تعالى (فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ) فالأمر بالإتيان ليس للوجوب بل مفاده رفع