الحظر والإرسال والإطلاق في إتيانهن مثل قوله تعالى (وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا) فلسان التحليل ورفع الحظر صريح ان الممنوع في زمن الحيض هو الإتيان فقط لا مطلق الاعتزال.
فتحصل في المقام ان قوله تعالى (فِي الْمَحِيضِ) اما مصدر بتقدير المطاف أو اسم زمان فالآية الكريمة لا تدل على أزيد من تحريم موضع الدم واما كراهة سائر الاستمتاعات منهن أو تحريمها فخارج عن مفاد الآية فلا بد ان يطلب من أدلة أخرى.
قوله تعالى (وَلا تَقْرَبُوهُنَ) عطف تفسير وتوضيح لقوله تعالى (فَاعْتَزِلُوا) وقد عبر تعالى عن ترك الوقاع بالاعتزال وعدم القرب منهن مراعاة للأدب البالغ في القرآن الكريم.
فالصفح عما يستقبح ذكره من سنة الكرام الأبرار المتأدبين بأدب الله سبحانه.
قوله تعالى (حَتَّى يَطْهُرْنَ) قيد وغاية لوجوب الاعتزال وحرمة القرب منهن وظاهره الإطلاق وعدم توقف المسيس منهن بأمر آخر والمراد من الطهارة هو النقاء من الدم وانقطاعه فالطهارة مصدر طهر وضده القذارة وكلتاهما فعل لازم غير متعد.
قوله تعالى (فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَ) الآية فلما كان مفاد الجملة الاولى هو الإطلاق وجواز المس بهن من دون توقف بأمر آخر فلا محالة يقع المنافاة بينه وبين الجملة الشرطية التالية وحيث ان الشرط والقيد متصل فلا مانع من تقييد إطلاق مفهوم الغاية بمفهوم الشرط الا ان ذلك متوقف على القول بحجية مفهوم الشرط ومتوقف أيضا على أن لا يكون أحد المفهومين أقوى ظهورا من الآخر فمفهوم الغاية كالنص في انتهاء الحكم المعني عند وجود الغاية ومفهوم الشرط مردد بين كون الطهارة قيدا استحبابيا أو قيدا وجوبيا كي يحرم الإتيان بهن قبل هذا الشرط فعليه يكون مفهوم الغاية قرينة وشرحا لمفهوم الشرط فيكون الطهارة في المقام قيدا وشرطا استحبابيا فلا مانع من جواز المسيس قبل الطهارة وتوقفه على الطهارة استحبابا فيسقط ما ذكره الفخر الرازي وغيره من توقف الجواز على تحقق كلتا الجملتين من دون تعرض لدفع التنافي بينهما.
ثم ان الطهارة أمر ذو درجات فالتطهير المذكور شامل بإطلاقه جميع مراتبها شمولا بدليا لا شمولا عموميا فيكفي في شمول الطهارة وصدقها غسل الموضع وجواز المسيس بعده ودعوى انصراف الطهارة إلى الطهارة الكاملة والاغتسال مدفوع بأن هذا الانصراف انصراف بدوي يرتفع بعد التأمل.
هذا كله بناء على قراءة التخفيف واما بناء على قراءة التقليل فقال الفخر الرازي ان القراءة المتواترة حجة بالإجماع فإذا حصلت قراءتان متواترتان وأمكن الجمع بينهما وجب الجمع بينهما انتهى. يريد الاستدلال عن طرف الشافعي ان قراءة التشديد يوجب الجمع بين النقاء والاغتسال لتعارضها بقراءة التخفيف فالترجيح لجانب قراءة التشديد.