أقول معنى ما ذكره من ترجيح قراءة التشديد بالجمع بين القراءتين ليس استظهارا من الآية ومرجع ما ذكره هو إجمال الآية والرجوع الى الأصل العملي وهو الاحتياط والحق ان ما ذكره من تواتر القراءتين ليس بشيء وانما هذا شيء نهجوا به في كلماتهم ومقالاتهم ولا سبيل لنا الى هذه القراءات الا آحاد غير واجدين للشرائط المعتبرة في حجية الخبر الواحد المقررة في الأصول. قال في آلاء الرحمن (ص ٢٩) الى ان قال ما هي إلا روايات آحاد عن آحاد لا توجب اطمئنانا ولا وثوقا فضلا عن وهنا بالتعارض ومخالفتها للرسم المتداول المتواتر بين عامة المسلمين في السنين المتطاولة وان كلا من القراء لم تثبت عدالته ولا ثقته انتهى ما أردناه.
ويؤيد قراءة التخفيف أيضا ما رواه في نور الثقلين عن الخصال عن موسى بن جعفر عن أبيه (ع) انه قال سئل أبي عما حرم الله من الفروج في القرآن وعما حرم رسول الله في سنته فقال الذي حرم الله من ذلك أربعة وثلاثين وجها سبعة عشر في القرآن وسبعة عشر في السنة فأما الذي في القران فالزنا الى قوله والحائض حتى تطهر لقوله تعالى (حَتَّى يَطْهُرْنَ).
فهذه الرواية الشريفة كما أنها تؤيد قراءة التخفيف تصرح أيضا بأن الغاية للتحريم هو النقاء ومما يؤيد قراءة التخفيف ما رواه في تفسير العياشي عن عيسى بن عبد الله قال قال أبو عبد الله (ع) المرأة الحيض يحرم على زوجها ان يأتيها في فرجها لقول الله تعالى (وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ) الحديث.
والقول الجامع في الروايات الواردة عن أئمة أهل البيت سلام الله عليهم ان طائفة منها ناصة وصريحة فيما يستفاد من الآية الكريمة من جواز المسيس على استحباب الاجتناب حتى يغتسلن وطائفة منها مانعة عن المسيس وفيها قرائن الكراهة وهي قابلة للجمع مع الروايات الدالة على الجواز وطائفة منها صريحة في المنع قبل الاغتسال الا انها لموافقتها لمذهب علماء العامة المعاصرين لهم فلا يمكن الوثوق بها.
فتحصل في المقام ان مفاد الآية الكريمة عند التأمل والتحليل عين مفاد الروايات الشريفة جواز الإتيان بعد النقاء واستحباب الصبر على التطهير والاغتسال.
قوله تعالى (فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ) ـ الأمر بالإتيان للترخيص ورفع الحظر وهو مفيد الإباحة بالمعنى الأخص ولا وجه لما يقال انه يفيد الإباحة بالمعنى المطلق الشامل للوجوب والاستحباب والكراهة والإباحة كما لو صادف حين فراغها ممن