تعالى (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ). الآية (البينة ١) ولذا اعترف الأعاظم من الفقهاء بعدم صحة الاستدلال بهذه الآية على نجاسة أهل الكتاب.
قوله تعالى (نَجَسٌ) بفتح العين أقول المعروف عن فقهاء العامة ومفسريهم عدم القول بنجاسة المشركين أيضا ونسب المحقق الأردبيلي القول بالنجاسة إلى الفخر الرازي واستشكلوا في دلالة الآية على النجاسة وقالوا ان نجسا مصدر فلا يمكن حمله على الأعيان فلا بد من تأويله بتقدير مضاف اي ذو نجس يعني ان المشركين حيث انهم لم يجتنبوا من النجاسات ولم يغتسلوا من الجنابة فهم ذو قذارة ونجاسة وزاد البيضاوي ان ما كان الغالب فيه النجاسة تحكم بنجاسته قياسا على مورد هذه الآية.
فالمتحصل من كلماتهم ان المراد في الآية نجاستهم بالعرض لا بأعيانهم كما هو المدعي وأجيب عن هذا التأويل بأن كونهم ذا نجاسة غالبا لا يستلزم نجاستهم ولا دليل عليه فضلا عن قياس غير مورد الآية عليه بل مقتضى الإطلاق الحكم بنجاسة أعيانهم والا فلا مسوغ لحمل نجس على الأعيان على الإطلاق بظهور الإطلاق في النجاسة الدائمة لا الغالبية.
واستشكل أيضا بأن نجاسة أعيان المشركين انما هي نجاسة جعلية تعبدية لا نجاسة تكوينية خارجية فعلية يتوقف صحة إطلاق لفظ نجس على ثبوت الحقيقة الشرعية في زمان نزول الآية وهذا أمر عجيب فأي تلازم بين صحة إطلاق نجس على المشركين وبين ثبوت الحقيقة الشرعية فإن استعمال هذا اللفظ في القذارات العرفية التكوينية والقذارات الجعلية التعبدية على نحو واحد وملاك واحد غاية الأمر ان المصداق التعبدي صارت بمنزلة التكويني فتكثير المصداق لمفهوم اللفظ واستعمال اللفظ فيه ليس الا كاستعماله في التكويني وهو غير الحقيقة الشرعية فإن الحقيقة الشرعية اخلاء اللفظ عن معناه الأول ووصفه ثانيا في مقابل المعنى المستحدث الشرعي فالقول بتوقف استعمال لفظ نجس في النجاسة التعبدية على ثبوت الحقيقة الشرعية ساقط جدا.
والحق في المقام عدم صحة هذا التأويل لعدم الدليل عليه ولا مسوغ لإخراج القرآن عن ظاهره ولا يجوز تأويله إلا بدليل قطعي وما ذكروه من استحالة حمل المصدر على الأعيان فيندفع انه من باب زيد عدل وان حمل نجس على المشركين من باب المبالغة وهو مجاز شائع لا بد من التزامه فلا يصل النوبة إلى تأويل الآية وإضمار المضاف فعليه تكون الآية ظاهرة في نجاسة المشركين بأعيانهم فإن قلت ان