إطلاق لفظ النجس على المشركين في زمان نزول الآية ليس إلا كإطلاق لفظ الرجس على الميسر والأنصاب والأزلام فيكون المراد القذارة المعنوية كما ادعاه بعض الأجلة قلت ان بين الإطلاقين فرقا بينا فإن إطلاقها في الميسر وأمثاله مضافا الى عدم صلاحية المورد للنجاسة الشرعية التعبدية تصريح بأن الميسر وعبادة الأوثان من عمل الشيطان يجب الاجتناب عنه فيكون كالنص في النجاسة المعنوية وفي بيان ان القذر هو عمل المكلف لا جسمه بخلاف المقام فليس إطلاقه واستعمال اللفظ فيه الا كاستعماله في الكلب والخنزير فهذا الاستعمال كما صرح بعض الأعاظم أصرح بيان في إفادة النجاسة ولو جاز التشكيك في المقام لجاز التشكيك في نجاسة الكلب والخنزير على انا قد ذكرنا في طي الأبحاث انه يجب الأخذ في أمثال المقام بإطلاق اللفظ وإسراء الحكم إلى القذارة المعنوية والجسمية ما لم تقم قرينة على إرادة واحدة منها بخصوصها. والموارد التي ورد بها النص من باب المثال والمصداق والاكتفاء بالموارد التي صرح بها في لسان الروايات هو الأحوط والاولى.
قد تقدم أن مورد إطلاق لفظ الطهارة والنجاسة في الحسية وتعميم استعمالها في المعنوية من باب التذكر بالمصداق لا من باب التأويل والاكتفاء فهما بالموارد المنصوصة لأجل التذكر والإرشاد هو الاولى.
هذا كله بناء على ان لفظ نجس مصدر يشكل حمله على الأعيان اما بناء على كونه صفة مشبهة لوحظ فيه معنى الوصفية فيكون بمعنى القذر بكسر العين اي ضد الطاهر كما صرح به في القاموس والمحكي عن الجوهري والأزهري وغيرهم من اساتيد اللغة فلا إشكال حينئذ في حمله على المشركين والأخذ بظاهر الآية والحكم بنجاسة المشركين بأعيانهم قال في الكشاف وعن ابن عباس رضي الله عنه أعيانهم نجسة كالكلاب والخنازير وعن الحسن من صافح مشركا توضأ وأهل المذاهب على خلاف هذين القولين وقرأ بكسر النون وسكون الجيم على تقدير حذف الموصوف كأنه قيل انما المشركون جنس نجس أو ضرب نجس وأكثر ما جاء تابعا لرجس انتهى.
وغرضه من تقدير الموصوف دفع ما يرد على الاستدلال انه لو كان وصفا لكان حق العبارة ان يقال انما المشركون نجسون أو أنجاس قال الشيخ (قده) واما بناء على كونه صفة مرادفة للنجس بالكسر الى ان قال ويكون إفراد الخبر على تأويل انهم نوع أو صنف نجس.
قال والتأمل في ثبوت الحقيقة الشرعية في غير محله اما بما ذكرناه في أول باب النجاسات ان النجاسة الشرعية هي القذارة الموجودة في الأشياء في نظر الشارع ولم ينقل عن معناه اللغوي انتهى.