القول واللفظ بل المراد منها أو من بعضها هي الأمور العيني سواء كان موجودا خارجيا أو حكما إلزاميا أو عهدا أو ميثاقا أو بلاء ومحنة وشدة وعزيمة وقد شاع إطلاق الكلمة في القرآن على هذه الأمور قال تعالى (إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ) الآية آل عمران ٤٥ قال تعالى (فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ) آل عمران ـ ٣٩ وعليك باستخراج الموارد من الآيات القرآنية وسنذكر بعضها في طي الأبحاث الجارية إن شاء الله والظاهر ان وجه إطلاق الكلمة على هذه الأعيان والحوادث من قبيل إطلاق الإيجاد على الوجود أي من باب إطلاق السبب على المسبب فان الوجود بالإيجاد يتحقق ويوجد في كل موجود من الأعيان والحوادث والعهود والمواثيق والأزمات انما يتحقق بكلمة كن قال تعالى (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) يس ـ ٨٢.
عن الصدوق بإسناده عن الصادق (ع) قال لما صعد موسى (ع) الى الطور ناجى ربه عزوجل قال أرني خزائنك قال يا موسى انما خزائني إذا أردت شيئا ان أقول له كن فيكون. فيصير جميع ما يتحقق ويوجد بأمره تعالى من الحقائق والأعيان والأمر والعزيمة والأخذ والعطاء والإهانة والإكرام والعهود والمواثيق كلها موجودا ومتحققا بكلمة كن وإطلاق الكلمة على ما يتحقق ويوجد بها إطلاق شائع من قبيل إطلاق السبب على المسبب فيكون جميع ما اختبره الله سبحانه إبراهيم من العطايا والمواهب والرغائب والمحن والشدائد وغيرها كلها مما يصدق عليه الكلمة وحيث ان العناية في المقام هو التذكر بمقام إبراهيم وبيان عطفه وحنانه تعالى عليه والتقدير والتشكر له وفي بيان ما اصطفاه سبحانه بالمواهب الكريمة الإلهية لم يكن تعداد الكلمات وشرح حقيقتها دخيلا في غرض الآية فأجمل تعالى وأبهم ذكرها فعلى عهدة المفسر استخراجها واستنباطها من الآيات القرآنية أو الاعتماد فيها على الآثار المروية عن رسول الله صلىاللهعليهوآله وعن آله الأوصياء الأئمة.
وأما بيان حقيقة هذه الكلمة التي عبر عنها في القرآن الكريم بقوله (كُنْ) ووجه إطلاق الكلمة على هذه الحقيقة القرآنية فخارج عن محل البحث.
أقول من الموارد التي امتحن الله سبحانه إبراهيم عليهالسلام ابتلائه بنار نمرود قال تعالى (وَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ وَنَجَّيْناهُ وَلُوطاً) الآية (الأنبياء ٧٠ ـ ٧١) منها ابتلائه باراءة الملكوت قال تعالى (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) إنعام ٧٥.
ومنها ابتلائه بتسريح هاجر وإسماعيل وإسكانهما بين جبال في واد غير ذي