لوفائه وإخلاصه عليهالسلام ويمكن أن يكون الضمير عائدا إلى إبراهيم على خلاف السياق.
قوله تعالى (إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً) : تنقيح البحث في المقام يحتاج الى تحرير أمور :
الأول : لا يخفى ان هذه الجملة وهذا القول منه تعالى متفرع ومترتب على إتمام الكلمات والوفاء بها والخروج من عهدتها وقد شكر الله سبحانه سعي إبراهيم (ع) وتقبل منه قبولا حسنا واعطى له مثوبة كريمة وجعله اماما وجعل الإمامة له ذكرا باقيا وثناء خالدا بخلود القرآن الكريم وأهله يقرع به إسماع الجن والانس وإسماع المقربين من أولياء محمد وآله الطاهرين (ص) يقرؤون هذه الآية آناء ليلهم ونهارهم وهذه سنته تعالى الحميدة في هذا الكتاب الكريم في التنويه بأسماء أحبائه والتشريف بشأن أوليائه فليست هذه الجملة مستأنفا ولا مفصولا عما قبله كما توهمه بعض المفسرين على ما سنشير اليه.
الثاني لا يخفى عند اولي الألباب ان القول المذكور في الآية والأمر المجعول فيها بهذا القول إذا كان مترتبا ومتوقفا على الابتلاء بالكلمات والوفاء بها فلا يجوز أن يقال أن هذا القول والأمر المجعول في مرتبة إتمام الكلمات وفي مرتبة الابتلاء بها فلا محالة يكون هذا القول والا المجعول متأخرا عن الابتلاء زمانا ورتبة والاستنباط والاستظهار على ما سنشير اليه يساعدان ان موطن ابتلائه عليهالسلام بهذه الكلمات انما كان في ظرف نبوته ورسالته لا قبلهما وقد كان نبيا ورسولا قبل هذا الابتلاء وقبل هذا القول والجعل فان هذا القول منه تعالى ليس الا على سبيل الوحي وليس أول وحي يوحي تعالى إلى إبراهيم بحيث تنبأ به مبتدئا به ولم يكن بعد نبيا ولا رسولا قبل هذا حتى جعله تعالى رسولا ونبيا بهذا الوحي وان أبيت ذلك تعصبا وتجاهلا فإطلاق الآية الكريمة قاطعة وحاكمة ببطلان ما توهم أن الابتلاء كان قبل النبوة فمن العجيب ما في المنار ج ٢ ص ٤٥٥ عن شيخه محمد عبده ان قول الله سبحانه (قال الآية) كلام مستأنف مفصول عما قبله وليس جعل الإمامة مرتبطا ومتفرعا على تمام الكلمات لأن الرسالة بمحض فضل الله ولا يكون بكسب كاسب انتهى ملخصا.
الثالث : نسب تعالى الجعل الى نفسه العليم الحكيم فإنه سبحانه اعلم حيث يجعل إمامته كما انه (أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) فليس جعل مراد فالخلق فالجعل في