وليس في البين دليل تعبدي يعتمد عليه فان الوجوه الاعتبارية التي أوردناها في صدر البيان عن كنز الفرقان وغيره في نهاية الضعف والإجماع لم يتحقق وعلى فرض تحققه هو إجماع تعبدي مستند إلى الأدلة التي أوردناها في المقام من الآيات وغيرها واما الآيات التي استدلوا بها على ذلك قد عرفت عدم دلالة بعض منها وعدم ظهور بعض منها.
قوله تعالى (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) ـ الآية قالوا إذا أردتم القيام إلى الصلاة قيام التهيؤ لا قيام الدخول وقد أقيم المسبب مقام السبب واستشكل عليه في كنز العرفان ان تأويل القيام إلى إرادة القيام تحليل عقلي خروج عن اللغة فإن إلى للغاية الزمانية أو المكانية فالأولى تقدير الزمان أي إذا قمتم زمانا ينتهي إلى الصلاة انتهى ملخصا أقول والاولى ما عليه المشهور صرح به الشيخ (قده) في التبيان والمحقق الأردبيلي والجزائري في آيات الأحكام وهذا استعمال شائع مثل (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ). قوله تعالى (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) الآية الغسل من أوضح المفاهيم العرفية لا يحتاج الى بحث وتدقيق الأكمل والكامل والأسبغ والسابغ ولا بأس بالأخذ بإطلاقه أي ما يسمى غسلا من أي مرتبة وأي فرد اختار المكلف.
وإطلاق الأمر بالغسل يدل على الوجوب واما القول بأن الأمر حقيقة في الوجوب كما صرح به بعض المفسرين فليس في محله وقد ثبت في محله ان الوجوب مستفاد من إطلاق الأمر لا من هيئته.
أقول اختلفوا في تفسير الآية فقال بعض من العامة بوجوب الوضوء عند القيام الى كل صلاة أخذا بالإطلاق محدثا كان أو متطهرا ونسبوه الى علي (ع) أيضا وقال بعضهم إذا كان محدثا لا مطلقا وهو قول كثير منهم والحق في المقام ان مطلقات الكتاب والسنة وعموماتهما لا يجوز الأخذ بهما قبل الفحص عن المخصصات والمقيدات فان العمومات والمطلقات المسوقة لبيان الأحكام الكلية على نحو القضية الحقيقية كلها في معرض التخصيص والتقييد سيما على ما هو المختار عند المحققين من جواز التخصيص والتقييد بالخبر الواحد الواجد شرائط الاعتبار فضلا عن تخصيصها بآيات أخرى في الكتاب فعليه يجب تقييد الآية بما علم من فعله (ص) وبما علم بالضرورة من عدم وجوب الوضوء للصلاة على من كان متطهرا ومنه يعلم ما في قضية النسخ فان الواجب ليس هو المطلق كي ينسخ بل الواجب بمعونة المخصصات هو الوضوء على من لم يكن متطهرا فتبين ان القول بوجوب الوضوء