يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) الآية مائدة (٥٤) قال تعالى (وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) / التوبة / ١٠٨ قال تعالى (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ) / البقرة / ١٦٥.
وهذه الآيات المباركات حجة صريحة على ضعف تأويل محبة الله تعالى بإرادة ثوابه وتأويل محبة العبد إلى إرادة طاعاته وحيث ان المحبة بمعناه المتعارف عندنا عبارة عن انفعال النفس وميولاتها وهوساتها يجب تنزيهه تعالى عن المحبة بهذا المعنى وكذلك تنزيهه تعالى عن كونه محبوبا بهذا المعنى المتعارف عندنا ويكون متعلقا لهذه المحبة وقد اضطر الباحثون الى تأويلات وتوجيهات لا مجال لإيرادها والنقض والإبرام فيها فالذي ينبغي ان يقال أن محبة الله فعل من أفعاله ونسبة الحب اليه تعالى وتوصيفه تعالى بهذا الفعل ليس الأمثل توصيفه تعالى بغيرها من معاني أسمائه وصفاته وقد تقرر في محله على ما هو الحق والتحقيق أن أسمائه تعالى التي سمى بها نفسه موضوعة بالوضع الشخصي لله سبحانه بعناية التعبير لكل واحد منها عن كمال خاص له سبحانه وهذه الأسماء بما لها من المعنى الشخصي يستحيل إطلاقها على غيره تعالى كما ان أسماء غيره تعالى بما لها من المعنى المفهوم المتصور لا يجوز إطلاقها عليه تعالى ونسبة معاني أسمائه تعالى مع معاني غير أسمائه المباينة الصفتي التي أشد أنحاء المباينة.
فان قلت فعلى ما ذكرت ينسد باب معرفته تعالى وتصوره تعالى بالوجوه العامة ويستلزم ذلك تعطيل الأذكار والتسبيحات والتمجيدات له تعالى ولأنا لا نعرف من معاني هذه الأسماء والصفات الا المعنى المشترك بين صفات الخالق والخلق.
قلت ما ذكرت من التالي انما هو بناء على معرفته ومعرفة أسمائه ونعوته بتصورها بالوجوه والعناوين واما بناء على ما هو الحق أن المعرفة فعله تعالى يتعرف بآياته على عباده خارجا عن الحدين حد التعطيل والتشبيه والسر في ذلك هو ظهوره الذاتي على العقول والقلوب والآيات مذكرات ورافعة للغفلات كما هو المأثور عن على أمير المؤمنين تجلى بخلقه لخلقه.
إذا تقرر ذلك فنقول لا يبعد ان يقال ان محبة العبد تعالى لله هو معرفته وعيانه انه مستظل تحت عنايته ومستغرق في مواهبه المعنوية العلوم والمعارف وتمكنه من القرب اليه تعالى وفي المواهب الحسية الظاهرة في حيويته الطيبة السعيدة فيعترف ويتخضع ومحبة الله تعالى لعبده هو حيث إجرائه آلائه ونعمائه لعبده فهو سبحانه يتحبب الى عبده بالنعم ويتودد اليه بالكرامات والشواهد على ذلك كثيرة والفرق بين