ما ذكرناه في محبة العبد لله وبين ما أوردناه عن الشيخ (قده) في تبيانه وعن غيره من المفسرين ان محبته تعالى بناء على ما ذكروه هو ارادة طاعاته وبناء على ما ذكرنا عين إقباله الى ربه والتمسك بأذيال عطفه سبحانه.
الأمر الثالث ـ قوله تعالى (قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) افتتاح الكلام بقوله فيه اشعار واشارة ان الآية الكريمة مستقلة في حد نفسها منقطعة عما قبلها. وقوله تعالى (أَطِيعُوا اللهَ) إرشاد وتذكرة الى وجوب طاعته تعالى في جميع ما وصل الى الناس من أحكامه تعالى سواء كان مما بلغه رسول الله من أحكام ربه أو كان مما تمت عليهم الحجة الإلهية بحسب ما أدركوا بعقولهم من عظائم الفرائض وأصول الشرائع.
قوله تعالى (وَالرَّسُولَ) اي وأطيعوا الرسول عطف على الجملة السابقة والظاهر بناء على ما أوضحناه في تفسير قوله تعالى (قُلْ أَطِيعُوا اللهَ) الآية ان اطاعة الرسول أمر مولوي ولا وجه أن يقال ان الأمر بطاعة الرسول هو الأمر بطاعته تعالى في الموارد التي بلغها من أحكامه تعالى كي يكون الأمر بطاعته امرا إرشاديا ضرورة ان قوله تعالى (أَطِيعُوا اللهَ) قد استوعب على نحو الإرشاد وجميع موارد وجوب طاعته تعالى سواء كان من المستقلات العقلية أو ما يبلغه الرسول (ص) من أحكامه تعالى المولوية فلا بد من الالتزام ان الأمر بطاعة الرسول (ص) أمر مولوي فيأمر تعالى بطاعة رسوله في ما يأمر وينهى رسول الله صلىاللهعليهوآله بإذن الله سبحانه وتبين أيضا مما ذكرنا انه لا دليل ولا وجه أيضا ان يقال ان هذه الآية الكريمة كررت تأكيدا للآية السابقة.
فإن قلت ان الآية السابقة تدل على وجوب اتباع النبي (ص) في ما يأمر وينهى بإذن الله وبأمره فلو كانت طاعة الرسول في هذه الآية أيضا على نحو الآية السابقة لزم التكرار أيضا قلت : إذا كانت الآيتان مستقلتان في حد نفسيهما فلا مانع من القول بأن الأمر بطاعة الرسول أمر مولوي وقد ورد في القرآن الكريم في غير موضع الأمر بوجوب اتباع النبي (ص) ووجوب طاعته من غير ان يلتزم أحد من المفسرين بتكرار شيء منها وكونها تأكيدا لغيرها فعلى عهدة المفسر تشخيص العناية في كل واحد من الآيات.
قوله تعالى (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ).
قال في القاموس ج ٤ ص ٤٠٤ ولي تولية أدبر كتولى والشيء عنه أعرض