يتوقف على تمهيد مقدمات اربع ...
احداها : انه لا ريب في ان الأحكام الخمسة التكليفية متضادة في مقام فعليتها وبلوغها إلى مرتبة البعث والزجر. وقد جعل المصنّف قدسسره مراتب اربعا للاحكام ، الأولى : مرتبة الاقتضاء ، أي تقتضي المصالح والمفاسد الواقعيتان انشاء الأحكام والتكاليف لئلا تفوت المصالح الواقعية على العباد ، ولئلا تقع في المفاسد الواقعية ، إذ المولى رءوف بهم وهو لا يرضى بفوتها عليهم وبوقوعهم فيها. فالمولى ينشئ الأحكام على وفق المصالح والمفاسد ، وهذه هي المرتبة الثانية من الأحكام.
والثالثة : مرتبة الفعلية ، وبلوغ الأحكام إلى مرتبة البعث والتحريك ، وإلى مرتبة الزجر والمنع ، وإلى مرتبة الفعل والترك ، أي اراد المولى ايجاد الشيء الذي له مصالح ، واراد ترك الشيء الذي له مفاسد.
مثلا : ملاك وجوب الشيء كونه ذا مصلحة بلا مزاحم فاذا كان الشيء كذلك ترجح وجوده على عدمه ، فحينئذ تعلقت به الارادة ، أي ارادة وجوده وايجاده في الخارج.
وملاك حرمة الشيء كونه ذا مفسدة بلا مزاحم. فاذا كان الشيء كذلك ترجح عدمه على وجوده ، فاذن تعلقت به ارادة تركه واعدامه في الخارج.
والرابعة : مرتبة التنجّز. فاذا علم المكلف بالحكم الوجوبي او التحريمي فقد تنجّز عليه التكليف وانقطع عذره واعتذاره. فاذا خالفه استحق العقاب عليه عقلا ، فلا عذر له مع العلم والقدرة في صورة العصيان.
ولا يخفى ان تضاد الأحكام انما يكون تابعا لارادة المولى وجود متعلق الأحكام في الخارج ، أو عدمه فيه. والحال ان الارادة المذكورة انما تكون في صورة بلوغ الأحكام إلى مرتبة الفعلية والاجراء ، ولا تكون الارادة المذكورة في صورة مرتبة الاقتضاء وفي مرتبة الانشاء ، فاذا كان الأمر كذلك فلا تجتمع الارادة وعدمها في الشيء الواحد في الزمان الواحد حتى يلزم اجتماع النقيضين في الشيء الواحد