الجمع بينهما ان النهي عنه اما لأجل انطباق عنوان ذي مصلحة أهمّ على الترك ، كالمخالفة لبني امية ، أو لأجل ملازمته له وان لم ينطبق عليه خارجا على نحو الاتحاد الخارجي. وعلى هذا إذا فعله المكلف فهو يتقرب به إلى المولى ويقع صحيحا ويترتب الثواب عليه ، وإذا تركه فكذلك يترتب على تركه لأنه حصّل به مصلحة تكون اهم من مصلحة نفس العمل فهاهنا مصلحتان او مستحبان متزاحمان ، ولكن الترك أقوى ملاكا من الفعل. فانقدح ان النهي عنه ليس لأجل منقصة في نفس الصوم المذكور.
ولكن في مورد اجتماع الوجوب والاستحباب ينطبق العنوان الراجح على نفس الفعل لا على تركه ، فموضوع الوجوب والاستحباب يكون واحدا وهو نفس الصلاة في المسجد ، فلا بد من صيرورة الوجوب والايجاب أكيدين ناشئين عن مصلحة أكيدة ، ولا يكون الفعل مستحبا لا فعليا ولا اقتضائيا ، كما هو الحال في سائر موارد الوجوب الأكيد من اجل مصلحة أكيدة.
بخلاف القسمين الأخيرين ، فان العبادة المستحبة لمّا كان لها بدل غير مستحب صحّ أن يقال انها واجبة ومستحبة ، ولو كان الاستحباب اقتضائيا لا فعليا. فالانطباق عنوان راجح على الفعل الواجب الذي لا بدل له انّما يؤكّد ايجابيته لا انّه يوجب استحبابه أصلا ولو بالعرض والمجاز ، إلا على القول بالجواز ، إذ على هذا القول يكون موضوع المصلحة الوجوبية غير موضوع المصلحة الاستحبابية ، فيمتنع تأكد الوجوب لتعدد الموضوع ، وكذا في صورة تلازم العنوان المستحب ، فانه ايضا يمتنع التأكد ، وحينئذ الوجوب لموضوع المصلحة اللزومية أو الاستحبابية لموضوع المصلحة الاستحبابية ، ولكن الاستحباب لا يكون فعليا لامتناع اختلاف المتلازمين في الحكم ، بل يكون اقتضائيا لا غير بالعرض والمجاز.
فخلاصة الجواب عن القسم الأول من العبادات المكروهة : انه ينطبق على ترك صوم يوم عاشوراء عنوان ذو مصلحة ، وهو باعث على كون الترك مطلوبا