الصلاة فيقال حينئذ ان فعلها منهي عنه لكن بالنهي التبعي الغيري ، فالنهي عن فعلها معنى التزامي للأمر بالازالة مثلا ، ولهذا قال المصنّف رضى الله عنه انه من مقولة المعنى ، كما تقدم في مبحث المقدمة ، إلّا ان هذا النهي داخل في ملاك البحث ، وهو المنافاة بين المبغوضية والصحة ، لان صحة العبادة هي كونها مقربة للعباد الى ساحة المولى وعن كونها محبوبة ، فالمبغوضية وان كانت ضعيفة تنافي صحة العبادة.
فبالنتيجة يرجع النزاع الى ان مطلق النهي ـ سواء كان اصليا أم كان تبعيا ـ هل ينافي الصحة أو لا؟ فالنهي التبعي يدل على الفساد ، لدلالته على الحرمة في غير الموارد التي يكون فيها للارشاد الى الفساد.
واما في الموارد التي يكون فيها للارشاد اليه ، كالنواهي الواردة في مقام بيان شرح الماهيات بشروطها وموانعها ، فدلالتها ، على الفساد مما لا كلام فيه ، وإلّا يلزم خلف الفرض.
فان قيل : النهي التبعي لا يستلزم مخالفته للعقاب فكيف يدل على الفساد؟
قلنا : دلالته على الحرمة تكفي في دلالته على الفساد من غير داخل استحقاق العقوبة على مخالفته في دلالته عليه ، كي يقال ان الاستحقاق المذكور منتف في النهي التبعي قطعا ، لان المكلّف إذا صلى وقت وجوب الازالة لا يستحق العقوبة على فعلها ، نعم يستحقها على ترك الازالة.
ولكن انكر المحقق القمي رضى الله عنه دلالة النهي التبعي الغيري على الفساد ، مدعيا عدم اقتضاء النهي المذكور فساد المنهي عنه لعدم ترتب العقاب على مخالفته. فحصر المحقق المذكور محل النزاع في ما يترتب عليه العقاب كالنهي النفسي والاصلي التبعي. فردّ المصنّف رضى الله عنه هذا الحصر وقال ان مورد الخلاف في مطلق النهي سواء كان اصليا نفسيا أم كان تبعيا ، وسواء كان التبعي اصليا أم كان غيريا لعموم ملاك البحث والجهة المقصودة به لمطلق النهي ، وان كان النهي التبعي الغيري خارجا عن عنوان النهي في مورد البحث وداخلا في عموم الملاك.