بينها يكون هو الشرط والمؤثر واقعا ، فلا بد من القول بالتداخل لاستحالة صدور الواحد عن المتعدد ، بل يصدر الواحد عن الواحد ، كما تقدم وجهه. فاذا قال الحلي بالتداخل فليقل في موضعين ، وإذا قال بعدمه فليقل به فيهما ، فلا يصح التفكيك بينهما.
وهذا البحث العريض ثابت فيما إذا كان موضوع الحكم في الجزاء قابلا للتكرار والتعدد ، كالوضوء والغسل والتيمم مثلا ، واما ما لا يكون قابلا للتعدد فلا بد من القول بتداخل الاسباب بان تكون الاسباب المتعددة سببا واحدا لئلا يلزم اجتماع العلل المتعددة على المعلول الواحد ، ومن رجوعها إلى السبب الواحد بمعنى كون المؤثر هو الجامع بينها المنطبق على الجميع انطباقا واحدا. هذا مع اقتران الاسباب في الوجود ، كما إذا عقد الوكيلان في زمان واحد على مال واحد أو امرأة واحدة لشخص واحد ، فان الملكية والزوجية تنتزعان من وجود العقد الصادق على الكثير والقليل بنحو واحد ، واما إذا تقدم بعضها على بعض في الوجود فالسابق هو السبب المؤثر ، واللاحق ليس بسبب لئلا يلزم تحصيل الحاصل.
فتداخل الاسباب ثابت في المسبب الذي لا يتأكد ، كالقتل والملكية ، فاذا كان له سببان كالقصاص والارتداد والزنا بمحصنة فلا بد حينئذ من القول بتداخل الاسباب ، بان تكون الاسباب المذكورة سببا واحدا ، والتداخل في المسبب ثابت في المسبب الذي يتأكد ، وامكن التأكد فيه بان يكون كل سبب مؤثرا في مرتبة من وجود المسبب فلا فرق بين اقتران الاسباب وتعددها ، كما إذا مات في البئر بعير ووقع فيها مسكر كالخمر فبناء على مذهب قدماء الاصحاب قدسسرهما بتأكد المسبب لامكانه فيه والله تعالى اعلم.
فتحصّل مما ذكر ان في بعض الموارد لا يمكن فيه تأكد المسبب. وفي بعضها يمكن تأكده ، ففي الاول لا بد من تداخل الاسباب ، وفي الثاني لا بد من تداخل المسببات ، ومثالهما قد مرّ.