وفي ضوء هذا فالمدلول المطابقي ل (اكرم العلماء) وجوب اكرام كل عالم ومدلوله الالتزامي عدم وجوب اكرام من ليس بعالم ، وبالجملة فبأصالة عدم التخصيص يحرز الفرد المشتبه انه ليس بعالم.
قلنا : وإن اشتهر في الألسن ان المثبت من الامارات والاصول اللفظية من أصالة العموم وأصالة الحقيقة وأصالة عدم النقل وأصالة عدم الاشتراك وأصالة الاطلاق حجة بمعنى ان الامارات تكون حجة في المدلول الالتزامي وكلها يرجع إلى أصالة الظهور كما سبق (١).
إلا انه ليس ذلك بنحو الكلية ، بل يختلف باختلاف مقدار دلالة دليل الحجية فاذا كان مطلقا كان مقتضيا للحجية على اللازم والمثبت مطلقا ، وإذا كان مهملا اقتصر على المتيقن من دلالته ، وحيث ان حجية أصالة الظهور بناء العقلاء الذي هو من الأدلة اللبية كان اللازم هو الاقتصار على المتيقن من دلالته ولم يثبت بناء العقلاء على حجية الظهور بالاضافة إلى عكس نقيض القضية فلا يحكم بحجية الظهور فيه ، بل يرجع إلى أصالة عدم الحجية للشك في الحجية والأصل عدمها ، فالقدر المتيقن من حجيته بمقتضى السيرة اثبات حكم العام للفرد الذي علم انه من افراد العام لكن كان الشك في تخصيص العام بالاضافة إلى هذا الفرد لا اثبات مشكوك الفردية بانه ليس من افراد العام مع كون حكمه على خلاف حكم العام كي يترتب عليه حكم ضد العام ، والعام هو العلماء ، والضد هو الجهّال.
وعلى طبيعة الحال فزيد ان خرج حكما مع بقائه موضوعا حكم عليه بسائر احكام العام غير وجوب الاكرام كما يشاهد هذا في نحو (اكرم العلماء ولا تكرم زيد العالم) وهو ان خرج موضوعا فبأصالة عدم التخصيص لا يحرز ان زيدا المشكوك كونه عالما أو جاهلا كونه جاهلا كي يترتب عليه حكمه ، أي حكم
__________________
(١) والدليل على حجية أصالة الظهور بناء العقلاء وسيرتهم.