ومنها لو جاز تخصيص عموم الكتاب بخبر الواحد لجاز نسخه به أيضا حيث انّه قسم من التخصيص إذ النسخ تخصيص في الأزمان فلا فرق بينهما إلّا في ان التخصيص المصطلح تخصيص بحسب الافراد العرضية وذاك تخصيص بحسب الافراد الطولية فالمانع قد ادعى الملازمة بين جواز التخصيص والنسخ وقال بأنه لو جاز التخصيص لجاز النسخ اما بيان الملازمة فان النسخ تخصيص في الازمان والتخصيص المصطلح تخصيص في الافراد ولكن اللازم باطل بإجماع الخاصّة والعامّة فالملزوم مثله.
وأجاب المصنّف قدسسره عنه بجوابين :
الأول : ان مقتضي القاعدة عدم الفرق بين التخصيص والنسخ إذ كلاهما تخصيص إلّا ان اجماع الخاصة والعامة قائم على عدم جواز نسخ الكتاب بخبر الواحد ، بخلاف تخصيص العام الكتابي به فانه خلافي ، فالاجماع المذكور موجب للفرق بينهما وإلّا فلا محيص عن الجواز فيهما ، والنكتة فيه هي الحرص على صون القرآن الكريم.
الثاني : ان قياس النسخ بالتخصيص مع الفارق حيث ان الدواعي لضبط النواسخ وافرة بحيث تعرض لضبطها معظم الاصحاب والمتدينين رضي الله تعالى عنهم.
فلذلك قلّ الخلاف بين المسلمين في تعيين موارد النسخ فاذا يثبت بالتواتر فلا يثبت بخبر الواحد إذ لو كان النسخ موجودا لنقل بالتواتر لا بخبر الواحد ، بخلاف التخصيص فإن دواعي ضبطه ليست بوافرة فاذا يثبت التخصيص بخبر الواحد الذي يحصل الوثوق بصدوره عن المعصوم عليهالسلام.
فالنتيجة : ان هذا الاجماع ليس اجماعا تعبديا ، بل هو من إحدى صغريات الكبرى المسلّمة وهي ان الشيء الفلاني من جهة كثرة ابتلاء الناس به لو كان موجود البان واشتهر ولكنه لم يشتهر فإذا يكشف عدم وجود ذاك الشيء والنسخ