وتطلق على الرجل الجامع للخير الذي يقتدى به (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ) ، وعلى الزمن كما في قوله (وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ) وكما في هذه الآية (نَعْماءَ) النعمة (ضَرَّاءَ) الضر والألم.
المعنى :
لقد أرسل الله رسوله بالهدى ودين الحق ، وأرسله مبشرا ونذيرا وقد قال لقومه الكفار : إنى أخاف عليكم عذاب يوم كبير ، ولكنهم يستهزئون به وبوعيده ويستعجلون العذاب استهزاء وكفرا فيقول الله ما معناه : والله لئن أخرنا عنهم العذاب إلى جماعة من الزمن معدودة في علمنا ومحدودة في نظامنا وتقديرنا الذي اقتضى أن يكون لكل أجل كتاب .. ليقولن : أى شيء يمنع هذا العذاب من الوقوع!!
فهم لا يسألون عن المانع ، وإنما ينكرون مجيء العذاب وحبسه عنهم ألا يوم يأتيهم ذلك العذاب ليس مصروفا عنهم ولا محبوسا (إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ * ما لَهُ مِنْ دافِعٍ) وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون ، وله يستعجلون وسيحيط بهم يومئذ من كل جانب فلا هو يصرف عنهم ، ولا هم ينجون منه ، الله ـ سبحانه ـ يقول : (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) وفي هذه الآية بيان لحال الإنسان في اختبار الله له.
ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة ، وأعطيناه نعمة من صحة وعافية وسعة رزق وأمن ثم نزعنا تلك النعمة منه مما يحدث على وفق سنتنا من مرض أو وهن أو موت أو كارثة إنه ليئوس شديد اليأس من رحمة ربه ، قطوع للأمل والرجاء في عودة النعمة له ، كفور بالنعم التي هو فيها إذ مهما أصيب في نعمة فعنده نعم (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها) [سورة إبراهيم آية ٣٤] وهكذا الإنسان لا يصبر ولا يشكر.
وتالله لئن أذقناه نعماء بعد ضراء ليقولن ذهبت المصائب عنى ولن تعود ضراء لي ، وإنما أوتيت ما أوتيت على علم عندي!!
إن الإنسان لفرح بطر شديد الفرح والمرح فخور متعال على الناس لا يقابل النعم بالشكر الجزيل.
وانظر إلى قوله ـ تعالى ـ : (أَذَقْنَا) الذي يفيد اللذة والاغتباط ثم إلى قوله :