المعنى :
وأرسلنا هودا إلى قبيلة عاد ، المشهور أنها عربية وقيل غير ذلك ، وكانت تسكن الأحقاف (في شمال حضر موت وغربي عمان ، وكانت قبيلة ذات قوة وبطش وأصحاب زرع وضرع ، زادهم الله بسطة في الجسم والمال ، وهم خلفاء قوم نوح) ، (وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [سورة الأعراف آية ٦٩] (أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ. وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ. وَإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ. وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ. أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ) [الشعراء الآيات ١٢٨ ـ ١٣٣].
أرسل إليهم أخاهم هودا من أوسطهم نسبا ، وأكرمهم بيتا قال لهم : يا قومي ويا أهلى : اعبدوا الله وحده ، لا تشركوا به غيره ، مالكم من إله غيره خلقكم ورزقكم وأمدكم بما تعلمون وما لا تعلمون ، إن أنتم إلا مفترون على الله الكذب في الشركاء والأوثان.
وكان في قبيلة عاد مترفون ألفوا التعالي على الغير ، واستمتعوا بالنعم حتى امتلأت قلوبهم كبرا وبغيا وفسادا وضلالا ، وهؤلاء هم أعداء الحق دائما إذ يرون في النبوة نورا يعمى أبصارهم ، ويفتح أذهان العامة فيأخذون حقهم ، فتكسر شوكتهم وتضيع دولتهم لذلك نرى مع كل نبي أن أول كافر به هم أشراف قومه إذ كيف يخضعون لواحد منهم بشر مثلهم.
قال هؤلاء : أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا؟ إنا إذن لفي ضلال مبين ، ما أنت إلا شخص لك غرض خاص في هذه الدعوة.
فيرد عليهم هود : يا قوم لا أسألكم على ما أدعوكم إليه من عبادة الله وحده ونبذ الشرك والشركاء لا أسألكم عليه أجرا حتى تتهموني بطلب المنفعة ، وأن لي غرضا ما أجرى إلا على الذي خلقني على الفطرة السليمة ، وهداني إلى الحق الذي أدعو إليه أفلا تعقلون ما أدعوكم إليه ، وتميزون بين الحق والباطل ، ويا قوم استغفروا ربكم من ذنوبكم ثم توبوا إليه توبة نصوحا إنكم إن فعلتم ذلك يرسل المطر عليكم كثيرا فأنتم في حاجة إليه ، ويزدكم قوة إلى قوتكم ، وعزا زيادة على عزكم ، وإياكم والإعراض عن دعوتي فإن فيها الخير والفلاح.